وقفة تأمّل واستنتاج مع الآية الكريمة إزاء اجتهادهم فيها :
أوّلا ـ إنّ لفظ (إن هذين لساحران) ثقيل على السمع والنطق ، ولفظ (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) خفيف على السمع والنطق ، وموزون محبب للنفس.
ثانيا ـ لا يلتبس المعنى مع هذا اللفظ على السامع ، وذلك ـ أيضا ـ ما عناه من رواه عن الخليفة عثمان في ما روى ابنه أبان وقال : قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان ، فقال : لحن وخطأ!!!
فقال له قائل : ألا تغيّروه؟
فقال عثمان : دعوه فإنّه لا يحرّم حلالا ولا يحلّل حراما (١).
وقد برهنا على ان أمثال هذه الروايات افتري بها على الصحابة.
ثالثا ـ كلّ ما قالوه من وجوه لتصحيح الآية أو لتحريفها كما نسمّيه ، لم يتعدّ أقوالا دوّنت في كتب الحديث والتفسير والقراءات. وحفظ الله كتابه المجيد من أن تشوبه اجتهاداتهم ، ولم يكتب فيه ممّا تداوله المسلمون منذ عصر القرّاء إلى عصرنا الحاضر.
وقد قال الطبري في تفسير الآية : (قرأته عامّة قرّاء الأمصار (إن هذان) بتشديد (إن) وبالألف في (هذان) ، وقالوا قرأنا ذلك كذلك).
وقال : (وإنّه كذلك هو في خطّ المصحف) ، وذكر خلاف بعض أهل العربية من أهل البصرة وبعض نحويي الكوفة (٢).
__________________
(١) القرطبي بتفسير الآية ١١ / ٢١٦ ، معاذ الله أن يكون في كلام الله لحن أو خطأ ، وإنّما الخطأ في اجتهاداتهم ، صحابة وتابعين وقرّاء.
(٢) بتفسير الطبري للآية ١٦ / ١٣٦ ـ ١٣٧.