وعلى هذا ، فإنّ معنى (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) : ما ننسخ من حكم ـ مثل حكم القبلة والعيد في يوم السبت ـ من كتاب موسى (ع) التوراة ، أو كتاب عيسى (ع) الإنجيل ، نأت بخير منه ، حكم استقبال الكعبة في القرآن الكريم والعيد في يوم الجمعة ، في الكتاب وسنّة الرسول (ص).
* * *
كان هذا معنى (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ).
أمّا (نُنْسِها) فإمّا أن يكون من مادّة أنساها ينسيها أو من أنسأها ينسئها.
وإذا كان من مادّة (أنساها) يتضح معناها بعد التنبّه على أنّ الله سبحانه أرسل عشرات الألوف من الأنبياء في أمم أبيدت وانقرضت ممّن لم ترد أسماؤهم في القرآن ، ولم يذكر الله أخبارهم فيه ، وإنّما ذكر الله في القرآن أسماء بعض أنبياء بني إسرائيل والعرب الّذين عاشوا في المنطقة ـ الجزيرة العربية ـ وما حولها.
وذكر بعض قصصهم وأنسى قصص سائر الأنبياء أمثال هبة الله شيث بن آدم (ع) وعزير (١) الّذي قال اليهود : إنّه ابن الله. أنسى الله سبحانه قصص بعضهم ، وأنسى كتب البعض الآخر وذكر أسماءهم ، وبعضهم أنسى أسماءهم مع إنساء قصصهم وكتبهم.
وعلى هذا يكون معنى (أَوْ نُنْسِها) ما ننس ممّا في كتب السابقين ، مثل كتاب شيث وغيره ، نأت بخير منها وأكمل ، مثل ما في القرآن وشريعة خاتم الأنبياء.
وإذا كان من مادّة (ينسئها) وأنسأه ينسئه ، أي : أجّله وأخّره كما أوردناه
__________________
(١) عزير ، جاء ذكره في سورة التوبة / ٣٠. وشيث بن آدم ذكرناه في باب الأوصياء من كتابنا عقائد الإسلام.