فدعاهم في ذات يوم ، فأدخله معهم فما رئيت انّه دعاني يومئذ إلّا ليريهم ، قال : ما تقولون في قول الله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)؟
فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا ، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا ، فقال لي : أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت : لا ، قال : فما تقول؟ قلت : هو أجل رسول الله (ص) أعلمه له ، قال : إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربّك واستغفره انّه كان توّابا ، فقال عمر : ما أعلم منها إلّا ما تقول.
وروى ابن كثير في تفسيره :
قال ابن عباس : دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمّد (ص) ، فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا أنّها في العشر الأواخر ، قال ابن عباس : فقلت لعمر : إنّي لأعلم ـ أو إنّي لأظنّ ـ أي ليلة القدر هي. فقال عمر : وأي ليلة هي؟ فقلت سابعة تمشي تمضي ـ أو سابعة تبقى ـ من العشر الأواخر ، فقال عمر : من أين علمت ذلك؟ قال ابن عباس : فقلت : خلق الله سبع سماوات وسبع أرضين وسبعة أيام ، وانّ الشهر يدور على سبع ، وخلق الإنسان من سبع ، ويأكل من سبع ويسجد على سبع ، والطواف بالبيت سبع ، ورمي الجمار سبع ، لأشياء ذكرها فقال عمر : لقد فطنت لأمر ما فطنّا له (١).
وفي المستدرك : فقال عمر لابن عباس : ما لك يا ابن عباس لا تتكلم؟
قال : إن شئت تكلمت.
قال : ما دعوتك إلّا لتكلم.
فقال : أقول برأيي.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٤ / ٥٣٣ ، وتاريخه ٨ / ٢٩٩. وتاريخ الإسلام للذهبي ٣ / ٣٣.