عن محمّد بن كعب القرظي ، قال : جمع القرآن في زمان النبي (ص) خمسة من الأنصار : معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وابيّ بن كعب ، وأبو أيوب ، وأبو الدرداء.
فلمّا كان زمان عمر بن الخطاب كتب إليه يزيد بن أبي سفيان ، انّ أهل الشام قد كثروا وربلوا وملئوا المدائن ، واحتاجوا إلى من يعلّمهم القرآن ، ويفقّههم فأعن يا أمير المؤمنين برجال يعلّمونهم.
فدعا عمر اولئك الخمسة ، فقال لهم : إنّ إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلّمهم القرآن ويفقّههم في الدّين ، فأعينوني رحمكم الله بثلاثة منكم ، إن أحببتم فاستهموا ، وإن انتدب منكم ثلاثة فليخرجوا.
فقالوا : ما كنّا لنساهم ، هذا شيخ كبير ـ لأبي أيوب ـ ، وأمّا هذا ، فسقيم ـ لابيّ ابن كعب ـ.
فخرج معاذ بن جبل وعبادة وأبو الدرداء ، فقال عمر : ابدءوا بحمص ، فإنّكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة ، منهم من يلقن ، فإذا رأيتم ذلك فوجهوا إليه طائفة من الناس فاذا رضيتم منهم فليقم بها واحد ، وليخرج واحد إلى دمشق ، والآخر إلى فلسطين.
فقدموا حمص ، فكانوا بها حتى اذا رضوا من الناس أقام بها عبادة ، ورجع أبو الدرداء إلى دمشق ، ومعاذ إلى فلسطين.
فأمّا معاذ ، فمات عام طاعون عمواس ، وأمّا عبادة ، فسار بعد إلى فلسطين فمات بها ، وأمّا أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتّى مات (١).
__________________
(١) كنز العمال ٢ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ، الحديث رقم ١٨٨٣ ، ط. حيدرآباد سنة ١٣٦٤ ه ، وطبقات ابن سعد ، ط. أوربا ٢ / ق ٢ / ١١٤ ، وط. بيروت ٢ / ٣٥٧.