وقال المسعودي :
بلغه عن رجل يهودي في قرية من قرى الكوفة انّه يعمل أنواعا من السحر والشعبذة يعرف ببطروني ، فأحضره ، فأراه في المسجد الاعظم ضربا من التخييل : أظهر له في اللّيل فيلا (١) عظيما على فرس يركض في صحن المسجد ثمّ صار اليهودي ناقة يمشي على حبل ثمّ أراه صورة حمار دخل من فيه ثمّ خرج من دبره ثمّ ضرب عنق رجل ففرّق بين جسده ورأسه ، ثمّ أمرّ السيف عليه فقام الرجل ، وكان جماعة من أهل الكوفة حضورا منهم جندب بن كعب الأزدي ، فخرج إلى السوق ودنا من بعض الصياقلة ، وأخذ سيفا واشتمل عليه ، وجاء إلى الساحر ، فضربه ضربة فقتله ، ثمّ قال : أحي نفسك وقرأ (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
فأنكر عليه الوليد ذلك ، وأراد أن يقيّده به ـ أي يقتله به ـ فمنعه الأزد فحبسه وأراد قتله غيلة فسجنه ، ولمّا رأى السجّان قيامه بالعبادة في اللّيل قال له : انج بنفسك ، فقال له جندب : تقتل بي.
قال : ليس ذلك بكثير في مرضاة الله والدفع عن ولي من اولياء الله.
فلمّا أصبح الوليد دعا به وقد استعد لقتله ، فلم يجده ، فسأل السجان ، فأخبره بهربه ، فضرب عنق السجان وصلبه بالكناسة (٢).
وقال المؤرّخون (٣) :
كان الوليد يشرب مع ندمائه ومغنيه من اول اللّيل إلى الصبح ، فلما آذنه
__________________
(١) وفي الأصل قيلا ولعله تصحيف.
(٢) مروج الذهب للمسعودي ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ، وترجمة جندب من أسد الغابة ١ / ٣٠٥ ، والاغاني ٤ / ١٨٣ ، والبلاذري ٥ / ٣١.
(٣) الاغاني ٤ / ١٧٦ ـ ١٧٨ ، المسعودي ٢ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، والبلاذري ٥ / ٣٢ ـ ٣٥.