وعمرو بن الحمق الخزاعي.
وكتب عثمان إلى الأشتر وأصحابه : أمّا بعد ، فاني قد سيرتكم إلى حمص فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها ، فإنكم لستم تأتون الإسلام وأهله شرّا ، والسلام.
فلمّا قرأ الأشتر الكتاب قال : اللهمّ أسوأنا نظرا للرعيّة ، وأعلمنا فيهم بالمعصية ، فعجّل له النقمة.
فكتب بذلك سعيد إلى عثمان ، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص ، فأنزلهم عبد الرّحمن بن خالد الساحل ، وأجرى عليهم رزقا.
وروى الواقدي أنّ عبد الرّحمن بن خالد جمعهم بعد أن أنزلهم أيّاما وفرض لهم طعاما ثمّ قال لهم : يا بني الشيطان! لا مرحبا بكم ولا أهلا ، قد رجع الشيطان محسورا وأنتم بعد في بساط ضلالكم وغيكم ، جزى الله عبد الرّحمن إن لم يؤذكم ، يا معشر من لا أدري أعرب هم أم عجم ، أتراكم تقولون لي ما قلتم لمعاوية؟ أنا ابن خالد بن الوليد ، أنا ابن من عجمته العاجمات ، أنا ابن فاقئ عين الردّة ، والله يا ابن صوحان! لأطيرن بك طيرة بعيدة المهوى إن بلغني أن أحدا ممّن معي دقّ أنفك فأقنعت (١) رأسك.
قال : فأقاموا عنده شهرا كلّما ركب أمشاهم معه ويقول لصعصعة : يا ابن الخطية! إنّ من لم يصلحه الخير أصلحه الشر ، ما لك لا تقول كما كنت تقول لسعيد ومعاوية؟
فيقولون : نتوب إلى الله ، أقلنا أقالك الله ، فما زال ذاك دأبه ودأبهم حتى
__________________
ـ ١٦٠ ورأى هذه الصورة أصحّ ما ذكر في القضيّة ، وتاريخ ابن خلدون ٢ / ٣٨٧ ـ ٣٨٩ ، وتاريخ أبي الفداء ١ / ١٦٨ في حوادث سنة ٣٣.
(١) قنع رأسه بالسيف : علاه به.