وأتى المغيرة بن شعبة عثمان فقال له : دعني آت القوم فأنظر ما ذا يريدون ، فمضى نحوهم ، فلمّا دنا منهم صاحوا به :
يا أعور وراءك! يا فاجر وراءك! يا فاسق وراءك!
فرجع ودعا عثمان عمرو بن العاص ، فقال له : ائت القوم فادعهم إلى كتاب الله والعتبى ممّا ساءهم ، فلمّا دنا منهم سلّم ، فقالوا : لا سلّم الله عليك! ارجع يا عدوّ الله! ارجع يا ابن النابغة! فلست عندنا بأمين ولا مأمون.
فقال له ابن عمر ، وغيره : ليس لهم إلّا عليّ بن أبي طالب ، فلمّا أتاه قال : يا أبا الحسن! ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنّة نبيه.
قال : نعم ، إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أنّك تفي لهم بكلّ ما أضمنه عنك.
قال : نعم ، فأخذ عليّ عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ وخرج إلى القوم.
فقالوا : وراءك!
قال : لا. بل أمامي ، تعطون كتاب الله وتعتبون من كل ما سخطتم.
فعرض عليهم ما بذل.
فقالوا : أتضمن ذلك عنه؟
قال : نعم.
قالوا : رضينا. وأقبل وجوههم وأشرافهم مع عليّ حتى دخلوا على عثمان وعاتبوه ، فأعتبهم من كلّ شيء.
فقالوا : اكتب بهذا كتابا ، فكتب :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذا كتاب من عبد الله عثمان أمير المؤمنين ، لمن نقم عليه من المؤمنين