عبد الرّحمن بن الأسود : فغدوت فجلست مع عليّ (ع) فقال لي : جاءني عثمان بارحة فجعل يقول : إنّي غير عائد وإنّي فاعل ، قال : فقلت له : بعد ما تكلّمت به على منبر رسول الله (ص) وأعطيت من نفسك ، ثمّ دخلت بيتك ، وخرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم؟ قال : فرجع وهو يقول : قطعت رحمي وخذلتني وجرّأت الناس عليّ ، فقلت : والله إنّي لأذبّ الناس عنك ، ولكنّي كلّما جئتك بهنة أظنّها لك رضا جاء باخرى فسمعت قول مروان عليّ واستدخلت مروان. قال : ثمّ انصرف إلى بيته فلم أزل أرى عليّا منكّبا عنه لا يفعل ما كان يفعل ... الحديث.
أخرج الطبري (١) بسنده إلى عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال : لمّا حصر عثمان الحصر الآخر ، قال عكرمة : فقلت لابن عبّاس : أو كانا حصرين؟ فقال ابن عباس : نعم ، الحصر الأوّل حصر اثنتي عشرة ، وقدم المصريون فلقيهم عليّ بذي خشب فردّهم عنه ، وقد كان والله عليّ له صاحب صدق حتى أوغر نفس عليّ عليه ، جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على عليّ ، فيتحمّل ويقولون : لو شاء ما كلّمك أحد ، وذلك أنّ عليا كان يكلّمه وينصحه ، ويغلظ عليه في المنطق في مروان وذويه ، فيقولون لعثمان هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمّه وابن عمّته ، فما ظنك بما غاب عنك منه ، فلم يزالوا بعليّ حتّى أجمع ألّا يقوم دونه ، فدخلت عليه اليوم الذي خرجت فيه إلى مكّة فذكرت له أنّ عثمان دعاني إلى الخروج ، فقال لي : ما يريد عثمان أن ينصحه أحد ؛ اتّخذ بطانة أهل غش ، ليس منهم أحد إلّا قد تسبّب بطائفة من الأرض ، يأكل خراجها ويستذلّ أهلها. فقلت له : إنّ له رحما وحقّا فإن رأيت أن تقوم دونه فعلت ، فإنّك لا تعذر إلّا بذلك ، قال : قال ابن عباس : فالله يعلم أنّي رأيت فيه الانكسار والرقّة لعثمان ، ثمّ إنّي لأراه يؤتى إليه عظيم ... الحديث.
__________________
(١) الطبري ٥ / ١٣٩ ، وط. أوربا ١ / ٣٠٣٨ ـ ٣٠٣٩.