وأخرج (١) في حديث آخر له : أن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، فقام رجل فقال : أقم كتاب الله ، فقال عثمان : اجلس فجلس حتّى قام ثلاثا ، فأمر به عثمان فجلس ، فتحاثّوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فادخل داره مغشيّا عليه ، فخرج رجل من حجّاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي : «إنّ الّذين فارقوا (٢) دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله».
ودخل عليّ بن أبي طالب على عثمان رضى الله عنه وهو مغشيّ عليه وبنو اميّة حوله ، فقال : ما لك يا أمير المؤمنين؟ فأقبلت بنو اميّة بمنطق واحد فقالوا : يا عليّ! أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين ، أما والله لئن بلغت الّذي تريد لنمرّنّ عليك الدنيا. فقام عليّ مغضبا.
وأخرج في حديث آخر (٣) وقال : كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ، ويحتجّون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ الله ، فلمّا خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته فقال لهم : قد صنع القوم ما قد رأيتم فما المخرج؟ فأشاروا عليه أن يرسل إلى عليّ بن أبي طالب ، فيطلب إليه أن يردّهم عنه ، ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم ، حتى يأتيه إمداده.
فقال : إنّ القوم لن يقبلوا التعليل وهم محمّلي عهدا ، وقد كان منّي في قدمتهم الاولى ما كان ، فمتى اعطهم ذلك يسألوني الوفاء به.
__________________
(١) الطبري ٥ / ١١٣ ، وط. أوربا ١ / ٢٩٧٩ ـ ٢٩٩٠.
(٢) كذا وردت الكلمة في الطبري ٥ / ١١٣ ، أمّا في القرآن الكريم فقد جاءت : فَرَّقُوا.
(٣) الطبري ٥ / ١١٦ ـ ١١٧ ، وط. أوربا ١ / ٢٩٨٧ ـ ٢٩٨٩ ؛ وابن الأثير ٣ / ٧١ ـ ٧٢ ؛ وابن أبي الحديد ١ / ١٦٦.