والرجوع إلى الحق ، ولامنا فيك محمّد بن مسلمة وضمن لنا ما حدث من أمر فأحضرته فتبرّأ منك وقال : لا أدخل في أمره ، فرجعنا أوّل مرّة لنقطع حجّتك ونبلغ أقصى الإعذار إليك نستظهر بالله عزوجل عليك ، فلحقنا كتاب منك إلى عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب وزعمت أنّه كتب بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخطّ كاتبك وعليه خاتمك ، فقد وقعت عليك بذلك التّهمة القبيحة مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم والأثرة في القسم ، والعقوبة للأمر بالتبسّط من الناس ، والإظهار للتوبة ثمّ الرجوع إلى الخطيئة ، ولقد رجعنا عنك وما كان لنا أن نرجع حتّى نخلعك ونستبدل بك من أصحاب رسول الله (ص) من لم يحدث مثل ما جرّبنا منك ، ولم يقع عليه من التّهمة ما وقع عليك فاردد خلافتنا واعتزل أمرنا ، فإنّ ذلك أسلم لنا منك ، وأسلم لك منّا.
فقال عثمان : فرغتم من جميع ما تريدون؟
قالوا : نعم.
قال ـ بعد الحمد والثناء ـ : أمّا بعد ، فانّكم لم تعدلوا في المنطق ولم تنصفوا في القضاء ، أمّا قولكم : تخلع نفسك ؛ فلا أنزع قميصا قمّصنيه الله عزوجل وأكرمني به وخصّني به على غيري ، ولكنّي أتوب وأنزع ولا أعود لشيء عابه المسلمون ، فإنّي والله الفقير إلى الله الخائف منه.
قالوا : إنّ هذا لو كان أوّل حدث أحدثته ثمّ تبت منه ولم تقم عليه لكان علينا أن نقبل منك ، وأن ننصرف عنك ، ولكنّه قد كان منك من الأحداث قبل هذا ما قد علمت ولقد انصرفنا عنك في المرّة الاولى وما نخشى أن تكتب فينا ولا من اعتللت به بما وجدنا في كتابك مع غلامك ، وكيف نقبل توبتك ، وقد بلونا منك أنّك لا تعطي من نفسك التوبة من ذنب إلّا عدت إليه؟ فلسنا منصرفين حتّى نعزلك ونستبدل بك ، فإن حال من معك من قومك وذوي رحمك وأهل الانقطاع دونك بقتال قاتلناهم حتّى نخلص إليك فنقتلك أو تلحق أرواحنا بالله.