أصبتم ، فليس لي أن أضع حقّ الله تعالى ؛ وأمّا قتلي قتلة عثمان ، فلو لزمني قتلهم اليوم لزمني قتالهم غدا ، ولكن لكم أن أحملكم على كتاب الله وسنّة نبيّه ، فمن ضاق عليه الحقّ ، فالباطل عليه أضيق ، وإن شئتم فالحقوا بملاحقكم. فقال مروان : بل نبايعك ، ونقيم معك ، فترى ونرى (١).
كان هذا خبر أهل المدينة في شأن بيعة الإمام عليّ (ع) ، وعند ما بلغ الخبر امّ المؤمنين عائشة في طريق عودتها إلى المدينة من الحج وهي تمني نفسها بمبايعة الناس ابن عمّها طلحة بالخلافة ، قالت : والله ليت هذه انطبقت على هذه ـ أي السماء على الأرض ـ وصاحت ردّوني ردّوني ، فانصرفت إلى مكّة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما ، لأطلبنّ بدمه. لليلة من عثمان خير من عليّ الدهر كلّه (٢).
وفي مكّة التحق بها بنو اميّة وحلفاؤهم وانتشر خبرهم واظهر ذلك في من أظهر في المدينة وروى في شأنهم ابن أبي الحديد وقال :
ظهر ذلك من أمرهم ، قال عمار بن ياسر لأصحابه : قوموا بنا إلى هؤلاء النّفر من إخوانكم ، فإنّه قد بلغنا عنهم ورأينا منهم ما نكره من الخلاف ، والطعن على إمامهم ؛ وقد دخل أهل الجفاء بينهم وبين الزّبير والأعسر العاقّ ـ يعني طلحة ـ.
فقام أبو الهيثم وعمّار وسهل بن حنيف وجماعة معهم ، فدخلوا على عليّ (ع) ، فقالوا : يا أمير المؤمنين! انظر في أمرك ، وعاتب قومك ، هذا الحيّ من قريش فإنّهم قد نقضوا عهدك ، وأخلفوا وعدك ، وقد دعونا في السرّ إلى رفضك ، هداك الله لرشدك! وذاك لأنّهم كرهوا الأسوة ، وفقدوا الأثرة ، ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا ، واستشاروا عدوك وعظّموه ، وأظهروا الطلب بدم عثمان
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٧٩.
(٢) تاريخ فتوح أعثم ٢ / ٢٤٨.