وقال طلحة : ما اللّوم إلّا علينا ؛ كنّا معه أهل الشورى ثلاثة ؛ فكرهه أحدنا ـ يعني سعدا ـ وبايعناه ، فأعطيناه ما في أيدينا ، ومنعنا ما في يده ؛ فأصبحنا قد أخطأنا اليوم ما رجونا أمس ؛ ولا نرجو غدا ما أخطأنا اليوم (١).
وقال الطبري : وسأل طلحة والزّبير أن يؤمّرهما على الكوفة والبصرة فقال : «تكونان عندي فأتجمّل بكما فإنّي وحش لفراقكما» (٢).
وقال اليعقوبي : أنّ طلحة قال : «ما لنا من هذا الأمر إلّا كلحسة الكلب أنفه» (٣).
بقي طلحة والزّبير في المدينة أربعة أشهر يراقبان عليّا من قريب ، حتّى إذا أيسا منه وبلغهما موقف امّ المؤمنين بمكّة ، عزما على الخروج من المدينة ، فأتيا عليّا ، فقالا :
إنّا نريد العمرة ، فأذن لنا في الخروج ، فقال عليّ لبعض أصحابه : «والله ما أرادا العمرة ، ولكنّهما أرادا الغدرة».
فأذن لهما في الخروج بعد ان جدّدا له البيعة فخرجا من المدينة والتحقا بموكب امّ المؤمنين عائشة ، وساروا جميعا مع من تبعهما من بني اميّة وأعراب البادية إلى البصرة ، وأقاموا حرب الجمل على الإمام عليّ باسم الطّلب بدم عثمان ، وبعد ما انتصر فيها الإمام عليّ عليهم في النصف من جمادى الثانية سنة ٣٦ ه قسم بيت المال في البصرة.
__________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣. وطبعة تحقيق محمّد أبي الفضل إبراهيم. القاهرة ، دار إحياء الكتب العربية ٧ / ٢٩ ـ ٤٢.
(٢) الطبري ، ط. القاهرة ، دار المعارف ٤ / ٤٢٩ ، وط. أوربا ١ / ٣٠٦٩ ؛ وابن كثير ٦ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨٠.