رغبة ؛ ولكنكم دعوتموني إليها ، وجعلتموني عليها ؛ فخفت أن أردّكم فتختلف الامّة ، فلمّا أفضت إليّ نظرت في كتاب الله وسنّة رسوله فأمضيت ما دلّاني عليه واتبعته ، ولم أحتج إلى آرائكما فيه ؛ ولا رأي غيركما ، ولو وقع حكم ليس في كتاب الله بيانه ولا في السنّة برهانه ، واحتيج إلى المشاورة فيه لشاورتكما فيه ؛ وأمّا القسم والأسوة ؛ فإنّ ذلك أمر لم أحكم فيه بادئ بدء! قد وجدت أنا وأنتما رسول الله (ص) يحكم بذلك ، وكتاب الله ناطق به ؛ وهو الكتاب الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وأمّا قولكما : جعلت فيئنا وما أفاءته سيوفنا ورماحنا ؛ سواء بيننا وبين غيرنا ، فقديما سبق إلى الإسلام قوم ونصروه بسيوفهم ورماحهم ، فلم يفضّلهم رسول الله (ص) في القسم ، ولا آثرهم بالسبق ، والله سبحانه موف السابق والمجاهد يوم القيامة أعمالهم ؛ وليس لكما والله عندي ولا لغيركما إلّا هذا ، أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق ، وألهمنا وإياكم الصبر. ثمّ قال : رحم الله امرأ رأى حقّا فأعان عليه ، ورأى جورا فردّه ؛ وكان عونا للحق على من خالفه.
قال ابن أبي الحديد :
قال شيخنا أبو جعفر : وقد روي أنّهما قالا له وقت البيعة : نبايعك على أنّا شركاؤك في هذا الأمر ؛ فقال لهما : لا ، ولكنّكما شريكاي في الفيء ؛ لا أستأثر عليكما ولا على عبد حبشي مجدّع بدرهم فما دونه ، لا أنا ولا ولداي هذان ؛ فإن أبيتما إلّا لفظ الشركة ، فأنتما عونان لي عند العجز والفاقة ، لا عند القوّة والاستقامة.
قال أبو جعفر : فاشترطا ما لا يجوز في عقد الإمامة وشرط (ع) لهما ما يجب في الدّين والشريعة.
قال ـ رحمهالله تعالى ـ : وقد روي أيضا أنّ الزّبير قال في ملأ من الناس : هذا جزاؤنا من عليّ! قمنا له في أمر عثمان حتى قتل ؛ فلمّا بلغ بنا ما أراد جعل فوقنا من كنّا فوقه.