أنا أرباب الملوك غسان |
|
والدائن اليوم بدين عثمان |
إنّي أتاني خبر فأشجان |
|
أن عليّا قتل ابن عفان |
ثمّ يشدّ فلا ينثني حتى يضرب بسيفه ، ثمّ يشتم ويلعن ويكثر الكلام ، فقال له هاشم بن عتبة : يا عبد الله! ان هذا الكلام بعده الخصام ، وان هذا القتال بعده الحساب ، فاتق الله فانك راجع إلى الله ، فسائلك عن هذا الموقف وما أردت به.
قال : فإنّي أقاتلكم لأنّ صاحبكم لا يصلّي كما ذكر لي وأنتم لا تصلّون أيضا. وأقاتلكم لأنّ صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم أردتموه على قتله.
فقال له هاشم : وما أنت وابن عفان ، إنّما قتله أصحاب محمّد وأبناء أصحابه وقراء الناس حين أحدث الأحداث وخالف حكم الكتاب ، وهم أهل الدّين وأولى بالنظر في امور الناس منك ومن أصحابك ، وما أظنّ أمر هذه الامّة وأمر هذا الدّين اهمل طرفة عين.
فقال له : أجل والله لا أكذب ، فإن الكذب يضر ولا ينفع.
قال : فان أهل هذا الأمر أعلم به فخله وأهل العلم به.
قال : ما أظنك والله إلّا نصحت لي.
قال : وأمّا قولك إن صاحبنا لا يصلّي فهو أوّل من صلى وأفقه خلق الله في دين الله وأولى بالرسول ، وأمّا كل من ترى معي ، فكلهم قارئ لكتاب الله لا ينام الليل تهجّدا ، فلا يغوينك عن دينك هؤلاء الأشقياء المغرورون.
فقال الفتى : يا عبد الله! إنّي أظنك امرأ صالحا ، فتخبرني هل تجد لي من توبة؟
فقال : نعم ، يا عبد الله تب إلى الله يتب عليك ، فإنّه يقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات ، ويحبّ المتطهّرين. قال : فجشر (١) والله الفتى الناس راجعا.
__________________
(١) جشر الناس : أي تركهم وتباعد عنهم. وفي ابن الأثير : «فرجع الفتى».