فأمّة محمّد (ص) أعظم حقا وحرمة من امرأة ورجل ، ونقموا (١) عليّ أنّي كاتبت معاوية وكتبت عليّ بن أبي طالب ، وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله (ص) بالحديبية حين صالح قومه قريشا فكتب رسول الله (ص) : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، قال سهيل : لا أكتب كذا بسم الله الرّحمن الرّحيم. فقال : كيف تكتب؟ فقال : بسمك اللهمّ. فقال رسول الله (ص) : اكتب محمّد رسول الله. فقال : لو نعلم أنّك رسول الله ما خالفناك. فكتب هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله قريشا. يقول الله في كتابه :
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (الأحزاب / ٢١) (٢).
ولمّا كان الّذين أقاموا حرب الجمل وصفين على الإمام عليّ هم رجالات قريش وعادوا الإمام بسبب الغائه امتيازاتهم الّتي حصلوا عليها بعد رسول الله (ص) وتسويتهم مع غيرهم من المسلمين كما مرّ بنا بعض ذلك واستمر في مدّة حكمه في الكوفة على نفس النهج ، وقد ذكروا في سياسته في المال ما رواه الثقفي في كتاب الغارات وقال :
عن عليّ (ع) قال : كان خليلي رسول الله (ص) لا يحبس شيئا لغد ، وكان أبو بكر يفعل ذلك وقد رأى عمر بن الخطاب في ذلك رأيا أن دوّن الدّواوين وأخّر المال من سنة إلى سنة ، وأمّا أنا فأصنع كما صنع خليلي رسول الله (ص) (٣).
وقال : إنّ عليّا (ع) كان ينضح بيت المال ثمّ يتنفل فيه ويقول : اشهد لي
__________________
(١) ونقموا ـ في النص ـ : نقما والصواب كما أثبتناه من مصورة المجمع العلمي الإسلامي ١٢ / ٢ ورقة ١٨٢ / أ.
(٢) تاريخ ابن عساكر ، ترجمة الإمام عليّ (ع) ٣ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، الحديث ١١٩٤.
(٣) الغارات للثقفي ، ط. بيروت سنة ١٤٠٧ ه ، ص ٣٢ ، وط. طهران ، ص ٤٨.