أمرهم ، وهرعوا إلى عليّ يتقدمهم صحابة رسول الله (ص) يطلبون بيعته فأبى عليهم ، وألحّت الجماهير عليه ، حتى اضطرّ إلى تلبية طلبهم ، فسبق الصحابيان طلحة والزّبير إلى بيعته ، ليكون لهما الدالّة عليه في حكمه ، وبدأ الإمام حكمه بتقسيم بيت المال بالسويّة ، وأعطى كلّا من المهاجرين والأنصار ومواليهم ثلاثة دنانير ولم يفضّل أحدا على أحد في العطاء.
فقال الأنصاري اليماني : هذا غلامي بالأمس وقد اعتقته اليوم ، فقال له : نعطيه كما نعطيك.
وعاتبه القرشي المهاجري على مخالفته عمر بن الخطاب في تقسيم الاموال وقال له قائلهم : انّك جعلت حقّنا في القسم كحقّ غيرنا ، وسوّيت بيننا وبين من لا يماثلنا في ما افاء الله علينا بأسيافنا.
فقال : ان ذلك أمر لم احكم به بادئ ذي بدء! قد وجدت أنا وأنتما رسول الله (ص) يحكم بذلك وكتاب الله ناطق به ...
وقد ربح الأنصاري اليماني في حكم الإمام ما خسره في السابق ، فقد ولّى على المدينة سهل بن حنيف (١) ، وعلى البصرة عثمان بن حنيف ، وعلى مصر قيس ابن سعد بن عبادة (٢) ، وفي مقابل ذلك خسر المهاجري القرشي الّذي كان يعيش على رأس الهرم في النظام الطبقي كلّ امتيازاته ، فاتفقت سادات قريش بعضها مع بعض واجتمعوا مع الموتورين من بني اميّة في مسجد الرسول (ص) وأسرّوا القول في ما بينهم ثمّ اجهروا القول ، وطلب بنو اميّة من الإمام أن يضع عنهم ما أصابوا من المال على عهد الخليفة عثمان ، فقال : ليس لي أن أضع حق الله عنكم ولا عن غيركم.
__________________
(١) تاريخ الإسلام للذهبي ، سنة ست وثلاثين ٢ / ١٤٨.
(٢) تاريخ اليعقوبي (٢ / ١٧٨).