فألقى إليّ صحيفة فيها :
(بسم الله الرّحمن الرّحيم ، الكلام كلّه اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل).
ثمّ قال : «تتبعه وزد فيه ما وقع لك. واعلم أنّ الأشياء (١) ثلاثة : ظاهر ، ومضمر ، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر ، وإنّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بمضمر ولا ظاهر».
فجمعت أشياء وعرضتها عليه ، فكان من ذلك حروف النصب ، فذكرت منها : إنّ وأن ، وليت ، ولعلّ ، وكأنّ ، ولم أذكر لكن ، فقال : لم تركتها؟ فقلت : لم أحسبها منها. فقال : بلى هي منها ، فزدها فيها.
هذا هو الأشهر من أمر ابتداء النحو. وقد تعرض الزجّاجي أبو القاسم إلى شرح هذا الفصل من كلام عليّ ، كرم الله وجهه.
ورأيت بمصر في زمن الطلب بأيدي الوراقين جزءا فيه أبواب من النحو ، يجمعون على أنّها مقدمة عليّ بن أبي طالب الّتي أخذها عنه أبو الأسود الدؤلي.
وروي أيضا عن أبي الأسود قال : دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) ، فأخرج لي رقعة فيها : (الكلام كلّه اسم وفعل وحرف جاء لمعنى). قال : فقلت : ما دعاك إلى هذا؟
قال : رأيت فسادا في كلام بعض أهلي ، فأحببت أن أرسم رسما يعرف به الصواب من الخطأ.
فأخذ أبو الأسود النحو عن عليّ (ع) ولم يظهره لأحد.
__________________
(١) وكذا في معجم الادباء ١٤ / ٤٩ ؛ وفي نزهة الألباء ، ص ٥ : «أنّ الأسماء» ، وهو أوفق.