وقد أثمرت جهود الأمويين في عصرهم في تربية الناس كما شاءوا ، وبقيت آثارها إلى العهد العباسي وما بعده ، كما نلاحظ ذلك في الخبرين الآتيين :
أوّلا : في الشام :
روى الذهبي وابن خلكان في ترجمة النّسائي ما موجزه :
الحافظ ، الإمام ، شيخ الإسلام ، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النّسائي ، كان إمام أهل عصره في الحديث وله كتاب السنن تفرّد بالمعرفة وعلوّ الإسناد ، واستوطن مصر.
وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، ويجتهد في العبادة ليلا. وخرج مع أمير مصر إلى الغزو ، وكان يحترز عن مجالسه والانبساط في المأكل ، وخرج آخر عمره حاجّا وبلغ دمشق ، وصنّف في دمشق كتاب الخصائص في فضل عليّ بن أبي طالب (رض) وأهل البيت ، وأكثر رواياته فيه عن أحمد بن حنبل ، فأنكروا عليه ذلك ، فقال : دخلت دمشق والمنحرف عن عليّ بها كثير ، فصنفت كتاب الخصائص رجوت أن يهديهم الله بهذا الكتاب.
فقيل له : ألا تخرج فضائل معاوية؟
فقال : أيّ شيء أخرج؟ حديث اللهمّ لا تشبع بطنه؟
فسكت السائل ، وسئل ـ أيضا ـ عن معاوية وما جاء من فضائله ، فقال : ألا يرضى رأسا برأس حتّى يفضل ، فما زالوا يدفعون في خصييه وداسوه ، حتى اخرج من المسجد وحمل إلى الرملة.
قال الحافظ أبو نعيم : مات بسبب ذلك الدوس وهو منقول.
وقال الدارقطني : امتحن بدمشق وادرك الشهادة. كان ذلك سنة ٣٠٣ ه (١).
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ، ص ٦٩٨ ، ووفيات الأعيان ١ / ٥٩.