حفظه عن ظهر قلب) حتّى الحقهم في الشرف من العطاء وارسلهم في الآفاق يعلّمون الناس ، فجمع أبو موسى الأشعري القرّاء وقال : لا تدخلوا عليّ إلّا من جمع القرآن ، فدخل عليه زهاء ثلاثمائة قارئ جمع القرآن.
وأنّ عبد الرّحمن بن ملجم كان من قرّاء القرآن فكتب عمر إلى عمرو بن العاص : قرّب داره من المسجد ليعلّم الناس القرآن والفقه (١).
وأنّه أرسل إلى مدن الشام للإقراء معاذ بن جبل وأبا الدرداء وعبادة بن الصامت ، وأن أبا الدرداء كان إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه فكان يجعلهم عشرة عشرة وعلى كل عشرة عريفا ويقف وهو في المحراب يرمقهم ببصره فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه ، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله ، وأنّه ناف عددهم على ألف وستمائة ، ويظهر من الرواية الآتية انّ بعضهم كان يسافر إلى المدينة لأخذ القرآن من منبعه مباشرة.
جاء في مصاحف ابن أبي داود السجستاني :
عن عطية بن قيس قال : انطلق ركب من أهل الشام إلى المدينة يكتبون مصحفا لهم فانطلقوا معهم بطعام وادام فكانوا
يطعمون الذين يكتبون لهم ، قال وكان ابيّ بن كعب يمرّ عليهم يقرأ عليهم القرآن. قال : فقال له عمر : يا ابيّ بن كعب كيف وجدت طعام الشامي؟ قال : لأوشك إذا ما نشبت في أمر القوس ما أصبت لهم طعاما ولا إداما (٢).
__________________
(١) راجع أخبار القراءة والإقراء في عصر عمر في هذا الكتاب.
(٢) مصاحف ابن أبي داود ، ط. مصر سنة ١٣٥٥ ه ، ص ١٥٧. وعطية بن قيس الكلابي أبو يحيى الحمصي ويقال الدمشقي ، وقال عبد الواحد بن قيس كان الناس يصلحون مصاحفهم على قراءة عطية بن قيس ، وتوفّي سنة ١١٠ ه. تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٨.