أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعث إليهم معاوية من الصّلات والكساء والحباء والقطائع ويفضيه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر وفي كل وجه وناحية وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فكتب إلى عمّاله : إنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر فإذا جاءكم كتابي فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد في أبي تراب إلّا وتأتوني بمناقض له ، فرويت أخبار كثيرة في مناقبهم ثمّ حدّث بها على صهوات المنابر والقيت إلى معلّمي الكتاتيب فعلّموه كما يعلّمون القرآن وعلّموها أبناءهم ونساءهم وخدمهم ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة ، وسار على نهجه سائر الخلفاء من بني اميّة ما عدا عمر بن عبد العزيز.
وكان في من جاء بعد الصحابة من الرواة من يكذب في أسانيد الأحاديث ، وفي أخريات القرن الثاني انتشرت الزندقة ، وقصدوا إفساد الشريعة وإيقاع الشك فيها في قلوب العوام ، ووضعوا من الأحاديث ما الله به عليم ، وتتبّعنا عمل واحد منهم ، وذكرنا بعض ما وضعه في مجلّدات (عبد الله بن سبأ) و (خمسون ومائة صحابي مختلق) ، ونرى أن روايات اسطورة الغرانيق وروايات خنق جبرائيل للنبي (ص) عند أوّل مرّة يلقى الوحي من عملهم.
وفي عصر التدوين كان في الزنادقة من يأخذ من شيخ مغفل كتابه فيدسّ فيه ما ليس من حديثه فيرويه ذلك الشيخ ظنّا منه أنّ ذلك من حديثه.
وعلى عهد أبي جعفر المنصور لمّا أراد تنصيب ابنه المهدي وليّا للعهد تبرّع منهم مطيع بن اياس بوضع حديث قال فيه : ان الرسول (ص) قال : (المهدي منّا محمّد بن عبد الله وامّه من غيرنا ...) قال ذلك لأنّ امّ المنصور المكنّاة ام موسى كانت ابنة منصور بن شهر الحميري ولم تكن هاشمية.
وقال مطيع : وهذا العباس بن محمّد أخوك يشهد بذلك وصدّقه العباس