النبيّ (ص) : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وفي هذا دلالة على انّه كان مكتوبا مجموعا ، لأنّه لا يصح إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور ، بل ولا على ما كتب في اللخاف ، والعسب ، والأكتاف ، إلّا على نحو المجاز والعناية ، والمجاز لا يحمل اللفظ عليه من غير قرينة ، فان لفظ الكتاب ظاهر في ما كان له وجود واحد جمعي ، ولا يطلق على المكتوب إذا كان مجزّأ غير مجتمع ، فضلا عمّا إذا لم يكتب ، وكان محفوظا في الصدور فقط) (١).
وأمر رسول الله (ص) عليّا من بعده أن لا يرتدي رداءه حتى يجمعه ، ففعل كما مرّ بنا خبره ، وإنّما اهتمّ الرسول (ص) بنشر الكتابة في المدينة ليكتب المسلمون القرآن وحث أصحابه على جمع القرآن حفظا وتدوينا وحرّضهم على تلاوة القرآن في المصحف وإن كانوا قد جمعوه حفظا عن ظهر قلب.
فتسابقوا على تدارسه وحفظه وتدوينه في المصحف وذكروا أن عبد الله بن مسعود كان له مصحف ومع ذلك كان يملي القرآن عن ظهر قلب ، وكان لكلّ من امّهات المؤمنين عائشة وحفصة وام سلمة مصحف ، وكذلك كان لغيرهم من الصحابة مصاحف ، ولا يمكن إحصاء من كان عنده مصحف من الصحابة ، وإنّما ذكر أسماء بعض من كان عنده مصحف منهم لمناسبة في بعض أخباره ، وقد مرّ بنا أنّ جيش معاوية رفعوا يوم صفين خمسمائة مصحف على الرّماح ، فكم كان عدد المصاحف الّتي كانت في بلاد الشام وعند غير من حضر منهم في جيش معاوية ، وكم كان عدد المصاحف في جيش الإمام عليّ ، وكم عدد المصاحف في الكوفة والبصرة والمدينة ومكّة وبلاد اليمن والاسكندرية وفي آلاف البلاد الإسلامية الاخرى ، ومتى كتبت تلك المصاحف؟
ب ـ جاء في الروايات أنّهم عند ما قاموا بجمع القرآن كانوا لا يقبلون شيئا
__________________
(١) تفسير البيان للسيّد الخوئي ، ص ٢٧١.