للقرآن لأهل الكوفة بعد تمصيرها ، وبقي معلّما لأهلها إلى عام حرق المصاحف على عهد الخليفة عثمان ، وبناء على هذا كان يقتضي أن ينتشر هذا الحذف في مصاحف أهل الكوفة ولا يقتصر على مصحف ابن مسعود.
لست أدري كيف يفترى ذلك على الصحابي ابن مسعود والّذي قالوا في ترجمته : كان من السابقين الأوّلين إلى الإسلام وسادس من أسلم وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد كلّها مع رسول الله (ص) ، وأنّه كان يلزم رسول الله (ص) ويحمل نعليه وأنّ رسول الله (ص) قال : من سرّه أن يقرأ القرآن غضّا كما انزل فليقرأ على قراءة ابن ام عبد؟
كيف يفترى على ابن مسعود ذلك؟ ألم يكن أخذ من في رسول الله (ص) سبعين سورة؟ ألم يكن فيها سورة الحمد؟ ألم يصلّ خلف رسول الله (ص) ويسمعه يقرأها في صلاته؟ وكيف قال الرسول (ص) في شأنه : من سرّه أن يقرأ القرآن غضّا كما انزل فليقرأ على قراءته وهو لا يقرأ امّ الكتاب في صلاته ولا يكتبها في المصاحف (القرآن) ويمحو المعوذتين من المصاحف؟
ولست أدري هل خفي ما نسبوه إلى الصحابي ابن مسعود على الخليفتين عمر وعثمان وسائر الصحابة ولم يعلموا به وقد مرّ بنا أنّهم أخبروا الخليفة عمر باملائه القرآن من حفظه. إذ لم يكن يخفى عليه مثل هذا العمل الشنيع؟ أم اخبروا ولم ينكروا عليه ذلك؟ لأنّه لم يرد خبر بأنّهم أنكروا عليه حذفه سور الحمد والمعوذتين من المصاحف ، في حين أنّ الصحابة أنكروا على الخليفة معاوية عدم قراءته البسملة مع الحمد والسورة في الصلاة ، و ـ أيضا ـ مرّ بنا كيف أنكر الصحابي عبد الله بن عمر بن الخطاب على الوالي الجائر الحجّاج عند ما صعد المنبر بمكّة بعد قتله ابن الزبير وقال في خطبته : (انّ ابن الزّبير غيّر كتاب الله) فجابهه ابن عمر في الملأ الحاشد وقال له : (ما سلّطه الله على ذلك ولا أنت معه ولو شئت أن أقول كذبت فعلت) ، ومعنى قول الصحابي ابن عمر ما سلطه الله