المسلمين أنفع للمسيحية من قتلهم ، وبينما كان الصليبي همّه فتح بيت المقدس وذبح المسلمين كان يتمنّى أن يصحب هذا الفتح العسكري المجيد فتحا روحيا بتنصير المسلمين ، ويرى أنّ سيف الكنيسة الحقيقي سيف التبشير بالإنجيل والتنصير وليس سيف القتل فحسب ، وانّ الحروب الصليبية كانت تهدف أوّلا وأخيرا تنصير المسلمين ، وتحوّلت أخيرا إلى عمل سياسي وعسكري فقط ، فاقدة بذلك مهمّتها الأساسية ، وانّ السبب في ذلك عدم معرفة المسيحيين بحقيقة الدين الإسلامي ولذلك أوجب على نفسه ومن استطاع أن يؤثر فيه دراسة الدين الاسلامي ومحاجة المسلمين واقناعهم بالتخلي عن الإسلام والدخول في المسيحية بدلا من شعار الحروب الصليبية (ذبح المسلمين في محبّة الربّ) ، ورفع شعار (الكلمة بدلا من السيف) و (أنا أقترب منك وأقول بالكلمات وليس بالقوّة ، ولكن بالتفاهم وليس بالكره بل بالمحبّة ، لا كما يفعل قومنا دائما بالسلاح).
وقد درست الحرب الصليبية الّتي انتهت وأهملت دراسة الحرب الفكرية والّتي لا زالت قائمة.
وفي هذا السبيل سافر بطرس الكلوني إلى اسبانيا سنة ١١٤٢ م ، وتفقد شئون أديرتها وحصل من الامبراطور الفونس السابع ، الّذي كان يحاصر المرابطين (coria) لمشاريعه أملاكا واسعة وأموالا جمّة ، ولمعرفة الإسلام كلّف بطرس في هذه السفرة جمعا من المترجمين لدراسة بعض الكتب وترجمتها وموّل مشروع الترجمة واختار لذلك كتبا ألفها يهود متنصّرون ونصارى مستعربون والّتي كانت أبعد ما تكون عن الإسلام الحقيقي بل كانت أساطير ملفّقة ، كما وصّى بترجمة القرآن الكريم استعدادا للهجوم عليه وتفنيده وتحريف كلماته ومعانيه والاستهزاء بما جاء فيه والتشفي من المسلمين.
وكان من الكتب التي اختارها بطرس للترجمة كتب من مدرسة للترجمة من العربية إلى اللّاتينية أسسها القس رايموند في كنيسة بطليطلة سنوات (١١٢٥ ـ ١١٥١ م) بعد سقوط المدينة بيد الفونس السادس ، بعد أن كانت مركزا حضاريا