هكذا بدأ الكلام ابن العربي ، ونذكر في ما يأتي موردين من كلام ابن الطيب وجواب ابن العربي :
أوّلها ـ (قال القاضي ابن الطيب (١) : هذا حديث مضطرب. وذكر فيه اختلاف روايات فيه ، منها صحيحة ومنها باطلة ، فأمّا الروايات الباطلة فلا نشتغل بها).
قال المؤلّف :
قصد ابن الطيب من الروايات الصحيحة : ما جاء منها في صحيح البخاري ، ومن الروايات الباطلة : ما جاء في غيره.
وهكذا رمى ابن الطيب جملة ما جاء في غير صحيح البخاري من الحديث بالبطلان ، ولم أر مثل هذه الجرأة عند غيره من علماء المسلمين : أن يرمي أحدهم بالبطلان جملة ما لم يذكر في غير صحيح البخاري من حديث.
قال ابن العربي :
أما الصحيحة ، فمنها أنّه قال :
(روى أنّ هذا جرى في عهد أبي بكر. وفي رواية أنّه جرى في عهد عثمان ، وبين التاريخين كثير من المدّة. وكيف يصحّ أن نقول : هذا كان في عهد أبي بكر ، ثمّ نقول : كان هذا في عهد عثمان؟ ولو اختلف تاريخ الحديث في يوم من أوّله وآخره لوجب ردّه ، فكيف أن يختلف بين هاتين المدّتين الطويلتين؟
قال القاضي أبو بكر بن العربي : يقال للسيف : هذه كهمة (٢). من طول الضراب!
هذا أمر لم يخف وجه الحقّ فيه ، إنّما جمع زيد القرآن مرّتين : إحداهما لأبي
__________________
(١) في النص (أبو الطيب) : تصحيف.
(٢) كهمة : كهم السيف كهامة : كلّ.