قلنا : المؤمن لغة : هو المصدق ، وقد صار اسما لمن أتى بالواجبات ، واجتنب المقبحات ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) (١).
قالا : قال الله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ) وَيَعْمَلْ صالِحاً (٢) وحق العطف المغايرة.
قلنا : [هو في هذه] الآية حقيقة لغوية ، واستعمال الناقل القول المنقول في معناه الأول لا يدل على عدم نقله ذلك القول لمعنى آخر ، كناقل طلحة لرجل ، فبطلت دعوى نفيها لعدم ما يدل عليه ، وثبتت بما مر.
والمجاز لغة : العبور والطريق.
واصطلاحا (٣) اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اصطلاح به التخاطب ، على وجه يصح (٤) ويزاد على مذهب غير القاسم عليهالسلام (٥) والشافعي (٦) مع قرينة عدم إرادته (١).
__________________
(١) الأنفال : ٢ ـ ٤.
(٢) التغابن : ٩ ، الطلاق : ١١.
(٣) أي : في اصطلاح أهل علم المعاني والبيان.
(٤) ليخرج الغلط.
(٥) أي : الإمام القاسم بن إبراهيم عليهالسلام فقد ذهب الإمام القاسم والشافعي ومن تابعهما إلى جواز إرادة المعنى الموضوع له في اللغة مع إرادة المعنى المجازي أيضا ، قال في الفصول : القاسمية ، والشافعي ، ويصح إن يراد باللفظ حقيقته ومجازه كاللمس إذ لا مانع منه عقلي ولا لغوي خلافا لأبي حنيفة ، وأبي هاشم ، وأبي عبد الله البصري.
(٦) الشافعي هو : محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي الشافعي ، أبو عبد الله ، شهرته معروفة ، وعلومه موصوفة ، وقد صنف فيه الزمخشري كتابا وغيره ، قال أبو عبيد : ما رأيت رجلا قط أكمل من الشافعي ، أفتى وهو ابن خمس عشرة سنة ، قالوا : وهو أول من صنف في أصول الفقه واستنبطه ، وأما تشيعه فظاهر ، وهو أحد دعاة الإمام يحي بن عبد الله ، وامتحن بسبب ذلك ، وله أشعار تدل على