.................................................................................................
______________________________________________________
الدليل الحاكم لما يراد من موضوع الدليل المحكوم تعميما أو تخصيصا ، فلذا تخرج مواردها عن موضوع التعارض كخروج موارد ورود أحد الدليلين على الآخر من جهة عدم تواردهما على موضوع واحد ، فالدليل الحاكم يشبه القرينة المنفصلة من جهة والمتصلة من جهة أخرى.
أما كونه وبنظر العرف في حكم القرينة المتصلة الحاكية مع ذيها عن معنى واحد ؛ فلأن الحاكم وإن كان منفصلا عن المحكوم وغير مانع عن ظهوره في مؤدّاه ؛ إلّا إنه بلحاظ شارحيته له لا يغاير مدلول المحكوم ، وأما كونه كالقرينة المنفصلة ؛ فلأن المدلول وإن كان واحدا لبّا ، لعدم مغايرة الشارح للمراد من المشروح إلّا أن الدال على هذا المدلول الواحد متعدد ، لغرض الانفصال واستقرار ظهور كلا الدالين.
وبهذا تصير الحكومة برزخا بين القرينة المنفصلة والمتصلة ، فمن حيث وحدة المدلول تشبه المتصلة ، ومن حيث تعدد الدال تشبه المنفصلة.
ويترتب على هذا أمران :
الأمر الأول : تعيّن الأخذ بمدلول الحاكم بعد الفراغ عن إثبات حكومته وإن كان أضعف دلالة على مؤدّاه من المحكوم ، من غير ملاحظة النسبة بين دليلي الحاكم والمحكوم ، ولا ملاحظة قوة الظهور وضعفه ؛ بل يقدم الحاكم ولو كانت بينهما عموما من وجه. وأضعف دلالة.
وهذا بخلاف باب التخصيص وسائر موارد الجمع ، فإن تقديم الخاص والأظهر يكون بمناط تقديم أقوى الدليلين ، ولذا يتوقف في تقديم الخاص في فرض مساواته للعام في الدلالة.
الأمر الثاني : الظاهر عدم سراية إجمال الحاكم إلى المحكوم فيما لا يسري إجمال الخاص المردد بين الأقل والأكثر إلى العام ؛ لفرض حجية أصالة العموم في جميع أفراد العام ، والمزاحم لهذه الحجية هو القدر المتيقن من الخاص المجمل. وكذا الحال في باب الحكومة. فإذا ورد «أكرم العالم» ، ثم ورد «العالم الفاسق ليس بعالم» ، فإن إطلاق العالم في الدليل المحكوم شامل لمرتكب الصغيرة لا عن إصرار ، والشارح وإن كان مجملا ، ولعله يتوهم سراية إجماله إلى المحكوم قضية للتضايف بين الشارح والمشروح ؛ إلّا إن الصحيح عدم سرايته ؛ لأن شارحية الحاكم مقصور على مقدار دلالته ، والمفروض : دلالته على الأقل وهو مرتكب الكبيرة ، وأما غيره فلا مزاحم لأصالة الإطلاق في دليل المحكوم فيؤخذ به.