به ـ أن طرح الحكم الواقعي ولو كان معلوما تفصيلا ليس محرّما الّا من حيث كونها معصية دلّ العقل على قبحها واستحقاق العقاب بها.
فإذا فرض العلم تفصيلا بوجوب الشيء فلم يلتزم به المكلّف الّا أنه فعله لا لداعي الوجوب ، لم يكن عليه شيء ، نعم ، لو أخذ في ذلك الفعل نيّة القربة فالإتيان به لا للوجوب مخالفة عملية ومعصية لترك المأمور به ، ولذا قيّدنا الوجوب والتحريم في صدر المسألة بغير ما علم كون أحدهما المعيّن تعبّديا ، فإذا كان هذا حال العلم التفصيلي ، فإذا علم اجمالا بحكم مردّد بين الحكمين ، وفرضنا اجراء الأصل في نفي الحكمين الذين علم بكون أحدهما حكم الشارع ، والمفروض ـ أيضا ـ عدم مخالفتهما في العمل ، فلا معصية ولا قبح ، بل وكذلك لو
____________________________________
(فالحقّ ـ مع فرض عدم قيام الدليل على وجوب الالتزام بما جاء به الشارع ، على ما جاء به ـ أن طرح الحكم الواقعي ولو كان معلوما تفصيلا ليس محرّما الّا من حيث كونها معصية).
وملخص ما أفاده المصنّف رحمهالله هو عدم حرمة المخالفة الالتزامية ، وإنّما المحرّم هو المعصية والمخالفة العملية التي حكم العقل بقبحها واستحقاق العقاب عليها.
ثم يقول المصنّف رحمهالله : (فإذا فرض العلم تفصيلا بوجوب الشيء).
مثل : دفن المسلم مثلا ، ثم أتى المكلّف به من دون التزامه بوجوبه سقط الأمر عنه ، ولم يكن عليه شيء من المعصية لأنّه لم يأت بما هو محرّم ، فإذا لم تكن المخالفة الالتزامية محرّمة في العلم التفصيلي لم تكن محرّمة في صورة العلم الإجمالي بطريق أولى ، فلا فرق بينهما من جهة جواز المخالفة الالتزامية ، وإنّما الفرق بينهما من حيث جريان الأصل في الثاني دون الأول.
ثم يتوهّم من كلامه رحمهالله حيث قال : (إلّا أنه فعله لا لداعي الوجوب).
إن مراده من الالتزام في المقام هو الإتيان بالواجب بداعي الوجوب ، وليس ما يتوهّم من كلامه بمقصود يقينا ، كيف وقصد الوجه ليس بمعتبر في العبادات فضلا عن التوصّليات؟! فمراده هو نفي الإتيان بالفعل من دون البناء على وجوبه شرعا ، ثم المراد من الالتزام هو الإتيان من حيث كون الفعل واجبا لينطبق العمل عليه ، وهذا بخلاف قصد الوجه حيث يجعل الوجوب غاية للفعل.