فلا دلالة فيه على تخيير الجاهل بالموضوع مطلقا.
وأمّا معاملة الغير معها ، فقد يقال بجواز نظر كل من الرجل والمرأة إليها لكونها شبهة في الموضوع ، والأصل الإباحة.
وفيه : أن عموم وجوب الغضّ على المؤمنات إلّا عن نسائهن أو الرجال المذكورين في الآية ، يدل على وجوب الغضّ عن الخنثى ، ولذا حكم في «جامع المقاصد» بتحريم نظر
____________________________________
وثلاثية ورباعية ، فلازم اكتفاء الشارع بالثلاث هو إلغاء الجهر والاخفات بالنسبة إلى الرباعية المردّدة بين العشاء ، فيجب فيها الجهر ، والظهرين فيجب فيهما الاخفات ، والحاكم بالإلغاء بعد اكتفاء الشارع بالثلاث هو العقل.
(فلا دلالة فيه) أي : في هذا التخيير في هذا المورد الخاص (على تخيير الجاهل بالموضوع مطلقا) حتى فيما نحن فيه لأنّ التخيير لا يكون مستفادا من الأخبار حتى يجري في المقام أيضا.
(وأمّا معاملة الغير معها ، فقد يقال بجواز نظر كل من الرجل والمرأة إليها لكونها شبهة في الموضوع والأصل الإباحة).
يعني : يجوز لكل واحد من الرجل والمرأة النظر إلى الخنثى لأنّ كل منهما يشك شكّا بدويا على وجوب غضّ البصر عنها ، فيرجع إلى البراءة ، والحكم بالإباحة كما هو مقتضى القاعدة في الشبهة الموضوعية.
(وفيه : أن عموم وجوب الغضّ ... إلى آخره).
يعني : الحكم بالإباحة بمقتضى الرجوع إلى الأصل لا يصح ، وذلك لوجود العموم المستفاد منه وجوب غضّ الرجال من أبصارهم عن النساء الّا ما خرج بالدليل ، وبالعكس ، فلا مجال للأصل إذا كان الدليل الاجتهادي موجودا ، فقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)(١) يدلّ على وجوب غضّ الرجال أبصارهم عن النساء الّا ما خرج بالدليل كالمحارم ، وقوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ)(٢) يدلّ على وجوب غض النساء أبصارهن عن الرجال الّا ما استثني في الآية.
__________________
(١) النور : ٣٠.
(٢) النور : ٣١.