الطائفتين إليه كتحريم نظرها إليهما ، بل ادّعى سبطه الاتّفاق على ذلك ، فتأمّل جدا.
ثم إنّ جميع ما ذكرنا إنّما هو في غير النكاح ، وأمّا التناكح ، فيحرم بينه وبين غيره قطعا ، فلا يجوز له تزويج امرأة لأصالة عدم ذكوريّته ـ بمعنى عدم ترتّب أثر الذكوريّة من جهة النكاح ، ووجوب حفظ الفرج الّا عن الزوجة وملك اليمين ـ ولا التزوج برجل ،
____________________________________
ثم استفادة العموم من الآية إنّما هي باعتبار حذف المتعلّق ، وحذف المتعلّق ممّا يفيد العموم كما في علم المعاني ، ومقتضى العموم هو وجوب الغضّ عن كل أحد الّا ما خرج بالدليل ، والخنثى تكون باقية تحت العام ، فلا يجوز للرجال أن ينظروا إليها ولا للنساء. نعم ، يمكن أن يقال : إن التمسك بالعموم لا يجوز في الشبهة المصداقية.
قوله : (فتأمّل جدّا) يمكن أن يكون اشارة إلى أن بقاء الخنثى تحت العام مبنيّ على كونها طبيعة ثالثة ، وأمّا لو قلنا بأنّها ليست كذلك ، بل إمّا رجل في الواقع أو امرأة ، فعلى الأول لا يجب غضّ بصر الرجال عنها ، وعلى الثاني لا يجب غضّ بصر النساء عنها لخروج المماثل عن العام فيجوز نظر المماثل إلى المماثل ، فإنّها ـ حينئذ ـ قد خرجت عن العام ، غاية الأمر لا يعلم أنّها مصداق المخصّص بالنسبة إلى الرجال أو النساء ، فالشبهة تكون مصداقية ، ولا يجوز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله في محلّه.
(وأمّا التناكح ، فيحرم بينه وبين غيره قطعا ... إلى آخره).
ويمكن أن يستدل على ما ذكره المصنّف من حرمة التناكح بوجهين :
الوجه الأول : ما تقدم مرارا من أن العلم الإجمالي بالتكليف يكون منجّزا له ، فالعلم الإجمالي بحرمة التناكح بإحدى الطائفتين في المقام منجّز للتكليف لأنّ الخنثى تعلم إجمالا حرمة أحد الأمرين ، أي : التزوّج إن كانت رجلا أو التزويج إن كانت امرأة ، فيجب الاجتناب عنهما معا.
ثم الوجه الثاني : ما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : (لأصالة عدم ذكوريّته).
قوله : (بمعنى عدم ترتّب أثر الذكوريّة من جهة النكاح ... إلى آخره) دفع لما يرد على أصالة عدم الذكورية ، وهو أنّ الأصل المذكور بمعنى استصحاب عدم الذكورية لا يجري ، وذلك لعدم الحالة السابقة المعتبرة في الاستصحاب ؛ لأنّها لم تكن سابقا متّصفة بعدم