مع أن عدم الجواز قياسا على الإخبار عن الله تعالى بعد تسليم صحّة الملازمة إنّما هو فيما إذا بني تأسيس الشريعة اصولا وفروعا على العمل بخبر الواحد ، لا مثل ما نحن فيه ، ممّا ثبت أصل الدين وجميع فروعه بالأدلة القطعية لكن عرض اختفاؤها في الجملة من جهة العوارض واخفاء الظالمين للحقّ.
وأمّا دليله الثاني ، فقد اجيب عنه :
تارة بالنقض بالامور الكثيرة غير المفيدة للعلم ، كالفتوى والبيّنة واليد ، بل القطع أيضا ، لأنه قد يكون جهلا مركبا.
____________________________________
الفرق المذكور تكون الملازمة مردودة.
ثم أشار المصنّف رحمهالله إلى الجواب الثالث بقوله : (مع أنّ عدم الجواز قياسا على الإخبار عن الله تعالى بعد تسليم صحّة الملازمة إنّما هو فيما إذا بني تأسيس الشريعة اصولا وفروعا على العمل بخبر الواحد ، لا مثل ما نحن فيه).
يعني : لو أغمضنا النظر عن الفارق وقلنا بصحة الملازمة لما كان الاستدلال بالقياس مفيدا ومثبتا لما هو المطلوب من عدم جواز العمل بالخبر وامتناعه ، نعم ، إنّما يكون امتناع التعبّد بالخبر مبنيا على أن يكون تأسيس الشريعة الاسلامية فروعا واصولا بالخبر لأن الدين لو كان كذلك ينهدم من أصله بعد مرور الزمان في أيدي الجعّالين للأديان الباطلة ، والمقام ليس كذلك ، فلا يكون التعبّد بالخبر ممتنعا ، إذ الدين قد ثبت اصولا وفروعا بالأدلة القطعية.
(لكن عرض اختفاؤها) أي : الفروع من جهة العوارض كوجود الكذّابين ، وكثرة الوسائط مع اخفاء الظالمين ، فلا محذور في العمل بالخبر في بعض المسائل الفرعية.
(وأما دليله الثاني ، فقد أجيب عنه : تارة بالنقض).
ثم النقض يرجع في الحقيقة إلى تكثير الإشكال ، وحاصل الجواب بالنقض في المقام هو أن الفتوى حجّة مع أنها مستلزمة لتحليل الحرام ، فيما إذا أفتى المجتهد بحلّية شيء ، وكان حكمه في الواقع حراما ، وكذا في مورد البينة واليد ، بل في مورد القطع ـ أيضا ـ لأنه قد يكون جهلا مركبا ، مثل ما إذا قطع بحلّية شيء وكان في الواقع حراما ، وهو حجّة مطلقا كما تقدم في باب القطع ، فكل جواب أجاب به ابن قبة عن هذه الموارد نجعله جوابا عن