المعارض الراجح ، بشرط عدم إخبار العادل بوجوبها ، وبعد الإخبار تضمحل المفسدة ، لعروض المصلحة الراجحة ، فلو ثبت مع هذا الوصف تحريم ثبت بغير مفسدة توجبه ، لأن الشرط في إيجاب المفسدة له خلوّها عن معارضة المصلحة الراجحة. فيكون إطلاق الحرام الواقعي ـ حينئذ ـ بمعنى أنه حرام لو لا الإخبار ، لا أنّه حرام بالفعل ومبغوض واقعا ، فالموجود بالفعل في هذه الواقعة عند الشارع ليس الّا المحبوبية والوجوب ، فلا يصحّ إطلاق الحرام على ما فيه المفسدة المعارضة بالمصلحة الراجحة عليه. ولو فرض صحّته فلا يوجب
____________________________________
ولتقريبه نقول : إنّ المفسدة الواقعية في صلاة الجمعة تكون مزاحمة بالمصلحة الراجحة الحادثة بسبب قيام الخبر الدال على وجوبها ، فلا تؤثّر بالحكم التحريمي ما دامت الأمارة قائمة على خلافها ، فلا يكون في حقّ من قامت الأمارة على الوجوب حكم واقعي مجعول سوى مؤدّى الأمارة ، فينحصر حكمه بالمؤدّى وهو الوجوب ، ولا نعني بالتصويب الّا هذا ، فصلاة الجمعة محرمة في حق العالم ، وواجبة في حق الجاهل.
(وبعد الإخبار تضمحل المفسدة) يعني : تزول بعد قيام الخبر على الوجوب لأنّ الاضمحلال ظاهر في زوال المفسدة رأسا فيلزم التصويب ؛ لأنّ زوال المفسدة ملازم لارتفاع التحريم ، فلا يعقل التحريم بعد زوال المفسدة لأنّ الحكم تابع لملاكه ثبوتا ونفيا كما أنّ المعلول تابع لعلّته كذلك ، فيكون الحكم ببقاء الحرمة مع زوال المفسدة ثبوت الحكم من دون ملاك وهو محال على مذهب العدلية فينحصر الحكم بالوجوب وهو التصويب كما مر.
ولذا يقول المصنّف رحمهالله : (لأنّ الشرط في إيجاب) واقتضاء(المفسدة) للتحريم (خلوّها) أي : المفسدة (عن معارضة المصلحة الراجحة).
فقوله : خلوّها ، صريح في بقاء المفسدة ، ولكن لا تؤثّر في الحكم بالتحريم لانتفاء الشرط وهو عدم المانع ، وهو ـ أي المانع ـ معارضتها مع المصلحة الراجحة عليها ، ومع هذا المانع لا تؤثّر في الحكم بالتحريم فلا يصح إطلاق الحرام على ما فيه المفسدة المعارضة.
(ولو فرض صحته).
أي : إطلاق الحرام على ما فيه المفسدة المعارضة بالمصلحة الراجحة (فلا يوجب