قلت : لو سلّم كون هذا تصويبا مجمعا على بطلانه وأغمضنا النظر عمّا سيجيء من عدم كون ذلك تصويبا ، كان الجواب به عن ابن قبة من جهة أنه أمر ممكن غير مستحيل وإن لم يكن واقعا ، لإجماع أو غيره ، وهذا المقدار يكفي في ردّه ، الّا أن يقال : إن كلامه قدسسره ، بعد الفراغ عن بطلان التصويب ، كما هو ظاهر استدلاله.
وحيث انجرّ الكلام إلى التعبّد بالأمارات غير العلمية ، فنقول في توضيح هذا المرام ، وإن كان خارجا عن محل الكلام : إن ذلك يتصوّر على وجهين :
الأول : أن يكون ذلك من باب مجرّد الكشف عن الواقع ، فلا يلاحظ في التعبّد بها الّا الإيصال إلى الواقع ، فلا مصلحة في سلوك هذا الطريق وراء مصلحة الواقع ، كما لو أمر المولى عبده عند تحيّره في طريق بغداد بسؤال الأعراب عن الطريق ، غير ملاحظ في ذلك الّا كون قول الأعراب موصلا إلى الواقع دائما أو غالبا ، والأمر بالعمل في هذا القسم ليس الّا للإرشاد.
الثاني : أن يكون ذلك لمدخليّة سلوك الأمارة في مصلحة العمل وإن خالف الواقع ، فالغرض إدراك مصلحة سلوك هذا الطريق التي هي مساوية لمصلحة الواقع أو أرجح منها.
____________________________________
الحكم الظاهري كما فهمه صاحب القوانين من كلامه ، والحكم الظاهري معلوم دائما وإن كان دليله ظنيا أو أصلا من الاصول فلا يرتبط بالتصويب أصلا.
(قلت : لو سلّم كون هذا تصويبا مجمعا على بطلانه وأغمضنا النظر عمّا سيجيء من عدم كون ذلك تصويبا ، كان الجواب به عن ابن قبة من جهة أنّه أمر ممكن غير مستحيل).
يعني : العمدة في المقام هو ردّ ما استدل به ابن قبة على امتناع التعبّد فلا بدّ من إثبات إمكان التعبّد بالظن ، وقد ثبت بما ذكر من إمكان اعتبار الأمارات من باب السببية ، ولو كان مستلزما للتصويب الباطل ، فباعتبار كونه مستلزما لم يكن واقعا ، وعدم الوقوع لا يضر بإمكانه ، فيكون ممكنا ، ولكنه غير واقع ، فيرد ما يقول به ابن قبة من الامتناع وعدم الإمكان.
(الّا أن يقال : إنّ كلامه قدسسره بعد الفراغ عن بطلان التصويب).
يعني : لا يكون مراده عدم إمكان التعبّد بالخبر الّا من طريق الالتزام بالتصويب الباطل ، فلمّا لم يكن طريق آخر لإمكان التعبّد بالظن وكان طريقه منحصرا بالتصويب حكم