إلا أن يقال : إن غاية ما يلتزم به في المقام هي المصلحة في معذوريّة الجاهل ، مع تمكّنه من العلم ولو كانت لتسهيل الأمر على المكلّفين ، ولا ينافي ذلك صدق الفوت ، فافهم.
ثم إنّ هذا كلّه على ما اخترناه من عدم اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء واضح ، وأمّا
____________________________________
قوله : (الّا أن يقال : إن غاية ما يلتزم به في المقام هي المصلحة في معذوريّة الجاهل) ردّ لما ذكره من التفصيل ، وتصحيح لوجوب القضاء مطلقا ، فلا بدّ من ذكر التفصيل المتقدّم أولا على نحو الإجمال والاختصار ، ثم تصحيح وجوب القضاء مطلقا ثانيا.
أما التفصيل فهو أنّ موضوع وجوب القضاء يمكن أن يكون مجرد ترك الواجب حتى يكون مفاد الأمر بوجوب القضاء : وأقض ما ترك ، ويمكن أن يكون فوت الواجب بما فيه من المصلحة ليكون مفاد الأمر : وأقض ما فات ، فعلى الأول يجب القضاء لتحقّق الموضوع ، وعلى الثاني لا يجب القضاء لعدم صدق الفوت المتوقّف على فوت الواجب مع ما فيه من المصلحة لتدارك المصلحة الواقعية بالمصلحة السلوكية.
وأمّا ردّ هذا التفصيل وتصحيح وجوب القضاء مطلقا ، أي : سواء كان موضوع وجوب القضاء ترك الواجب أو فوت الواجب ، فهو أنّ المصلحة السلوكية لم تكن موجبة لتدارك مصلحة الواجب حتى يوجب عدم صدق الفوت ، فقد فات الواجب مع ما فيه من المصلحة وغاية ما يلتزم في المقام هي المصلحة في معذوريّة الجاهل مع تمكّنه من العلم ، فتكون هذه المصلحة مصلحة التسهيل ، ويكون الجاهل معها معذورا ، والواجب قد فات مع ما فيه من المصلحة فيجب القضاء لتحقّق الموضوع ، ولا ينافي معذوريّة الجاهل صدق الفوت.
(فافهم) لعلّه اشارة إلى أن مصلحة الواجب لا يبعد أن تكون متداركة بنفس هذه المصلحة التسهيليّة ، وهذه المصلحة التسهيليّة قد كانت موجبة لورود الأحكام في صدر الإسلام على نحو التدريج مع أنّ المسلمين كانوا مكلّفين بجميع الأحكام الواقعية ، فما فات منهم من مصالح الواقع قد تدارك بالمصلحة التسهيليّة.
(ثم إن هذا كلّه على ما اخترناه من عدم اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء واضح).
يعني : ما ذكر من الفرق من جهة وجوب القضاء على الوجه الثالث ، وعدم وجوبه على الوجه الثاني بناء على القول بعدم الإجزاء يكون واضحا ، وأمّا البناء على القول بالإجزاء ،