على القول لاقتضائه له فقد يشكل الفرق بينه وبين القول بالتصويب.
____________________________________
فيكون الفرق محلّا للإشكال ، وذلك يتضح بعد معرفة معنى الإجزاء وما هو محل النزاع والخلاف فيه.
فنقول : إن الأوامر على ثلاثة أقسام :
الأول : الأمر الواقعي.
الثاني : الأمر الاضطراري.
الثالث : الأمر الظاهري.
ثم إتيان المأمور به لكل أمر يكون مجزيا عنه من دون نزاع وخلاف ، مثلا : إتيان المأمور به بالأمر الواقعي مجزيا عن الأمر الواقعي ، فيسقط الأمر بلا إشكال ، وكذا الباقي ، وإنّما النزاع في أنّ إتيان المأمور به بالأمر الظاهري أو الاضطراري هل يكون مجزيا عن الأمر الواقعي حتى يسقط فلا يجب القضاء ، ولا الإعادة أم ليس كذلك؟
فعلى الأول يقال : إن الأمر الظاهري يقتضي الإجزاء ، وعلى الثاني يقال : إنّه لا يقتضي الإجزاء.
ثم إن المصنّف رحمهالله ممّن يقول بعدم اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء ، وبعض يقول بالإجزاء. إذا عرفت هذا يتّضح لك الفرق على القول بعدم الإجزاء ، إذ يجب القضاء على الوجه الثالث ، ولا يجب على الوجه الثاني.
وأمّا على القول بالإجزاء فيكون الفرق محلّا للإشكال ؛ لأنّ نتيجة الوجه الثالث على القول بالإجزاء هو التصويب كالوجه الثاني ، إذ العمل بالأمارة يكون في عرض الواقع ، فكما يكون الإتيان بالواقع مع العلم به مجزيا ، كذلك يكون العمل بالأمارة مع الجهل به مجزيا مطلقا.
ثم لازم القول بالإجزاء هو الالتزام بوجود المصلحة التي يتدارك بها مفسدة فوت الواقع مطلقا ، فلا فرق بين هذا القول ـ أي : القول بالإجزاء ـ والقول بالتصويب.
ثم لا يخفى عليك أنّ مثل هذا الإشكال آت على القول بعدم الإجزاء ـ أيضا ـ في فرض عدم انكشاف الخلاف مع كون الأمارة على خلاف الواقع ، فلا بدّ من الالتزام بمصلحة يتدارك بها ما فات من المصلحة الواقعية ، والّا يكون الأمر بالعمل على طبق الأمارة قبيحا