السيّد المحقّق الكاظمي.
وفيه ـ على تقدير صدق النسبة ـ :
أولا : إن إباحة التعبّد بالظن غير معقول ، إذ لا معنى لجواز التعبّد وتركه لا إلى بدل ، غاية الأمر التخيير بين التعبّد بالظن والتعبّد بالأصل ، أو الدليل الموجود هناك في مقابله الذي يتعيّن الرجوع إليه لو لا الظن ، فغاية الأمر وجوب التعبّد به أو بالظن تخييرا ، فلا معنى للإباحة التي هي الأصل في الأشياء.
وثانيا : إن أصالة الإباحة انما هي فيما لا يستقلّ العقل بقبحه ، وقد عرفت استقلال
____________________________________
وتقريب هذا الأصل يقتضي ذكر الخلاف الحاصل بين العلماء في أنّ الأصل في الأشياء قبل بيان أحكامها من قبل الشارع هل هو الإباحة أو الحظر؟
ذهب بعض إلى الأول ، وبعض إلى الثاني ، لأنّ أصالة إباحة العمل بالظن مبني على القول الأول ، إذ العمل بالظن يكون من الأشياء ، والأصل فيها الإباحة ، فكذلك الأصل في العمل به هو الإباحة.
وقد أجاب المصنّف رحمهالله عن هذا الأصل بوجهين :
حيث أشار إلى الوجه الأول بقوله : (وفيه ـ على تقدير صدق النسبة ـ أولا : إنّ إباحة التعبّد بالظن غير معقول) لأنّ معنى الإباحة هي الرخصة في الفعل وتركه لا إلى بدل ، كشرب الماء مثلا ، وهذا المعنى ـ فيما نحن فيه ـ لا يعقل ، لخصوصية فيه ليست في شرب الماء ، وهي عنوان التعبّد ، إذ لو ثبت هذا العنوان ، أي : التعبّد بالظن وحجّيته ، وجب العمل به ، ولا يجوز تركه ، وإن لم يثبت كان العمل به حراما ، فلا معنى لإباحة العمل به ، بل يكون أمره دائرا بين الوجوب والحرمة ، والقاعدة فيه هي التخيير ، ولذا يقول المصنّف رحمهالله :
(غاية الأمر التخيير بين التعبّد بالظن والتعبّد بالأصل ، أو الدليل الموجود هناك) ، فيكون المكلّف مخيّرا بين العمل بالظن ، وبين العمل بالأصل أو الدليل الموجود في مقابله ، وعلى كلّ فإباحة التعبّد بالظن غير معقول.
ثم أشار إلى الوجه الثاني بقوله : (وثانيا : إنّ أصالة الإباحة إنّما هي فيما لا يستقل العقل بقبحه).
يعني : وثانيا : إنّ الالتزام بالإباحة في المقام لا يمكن ، ولو قلنا بأنّ الأصل في الأشياء