____________________________________
وأمّا الفرق من الجهة الثانية ، فلأن لازم القطع المأخوذ تمام الموضوع هو تحقق الحكم حين وجود القطع لتحقق موضوعه ، ولا فرق في ثبوت الحكم بين أن يكون القطع مطابقا للواقع أو لم يكن مطابقا له لأنّ الموضوع هو نفس القطع من دون دخالة الواقع في ثبوت الحكم أصلا ، كالقطع المأخوذ في موضوع جواز الاقتداء بالعادل فيجوز الاقتداء ، وإن لم يكن الإمام عادلا في الواقع ، فإذا انكشف الخلاف لا يجب عليه القضاء.
وهذا بخلاف القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الجزئية ، حيث يكون معناه أنّ القطع أحد جزئي الموضوع ، وجزؤه الآخر هو الواقع ، فيكون لازمه ثبوت كلا الأمرين ، أي : القطع والواقع معا ، فلا بدّ أن يكون مطابقا للواقع ، فإذا لم يكن مطابقا له انتفى الحكم ، إذ الحكم كما ينتفي بانتفاء تمام الموضوع كذلك ينتفي بانتفاء جزئه ، فإذا انتفى القطع ينتفي الحكم أيضا.
وكذلك إذا قطع المكلّف ولم يكن قطعه مطابقا للواقع ينتفي الحكم ، ومثال ذلك : هو القطع المأخوذ في موضوع جواز الطلاق عند العدلين ، فلا بدّ للمطلّق أن يقطع بالعدالة ، ويكون قطعه مطابقا للواقع.
وبالجملة : إنّ القطع قد يؤخذ تمام الموضوع ، فيدور الحكم مداره وجودا وعدما صادف الواقع أم لا ، وقد يؤخذ جزء الموضوع ، فيكون للواقع دخل في ثبوت الحكم وعلى كلا التقديرين يمكن أن يؤخذ على نحو الصفتية أو على وجه الطريقية.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ أقسام القطع خمسة :
الأول : هو القطع الطريقي المحض.
الثاني : هو ما يكون مأخوذا في الموضوع على نحو الصفتية حال كونه تمام الموضوع ، كما إذا فرض ثبوت حرمة الشرب لمقطوع الخمرية وإن لم يكن خمرا في الواقع.
الثالث : هو ما يؤخذ جزء للموضوع على نحو الصفتية ، كما إذا فرضنا أنّ الشارع اعتبر صفة القطع على هذا الوجه في حفظ عدد الركعات الثنائية والثلاثية والركعتين الأوليين من الرباعية.
الرابع : هو ما يؤخذ جزء للموضوع على نحو الطريقية.