والعدالة ونحو ذاك لا مطلقا ، ألا ترى أن أكثر علمائنا على اعتبار العدالة فيمن يرجع إليه من أهل الرجال ، بل وبعضهم على اعتبار التعدّد ، والظاهر اتفاقهم على اشتراط التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم وغيرها ، هذا مع أنه لا تعرف الحقيقة عن المجاز بمجرد قول اللغوي ، كما اعترف به المستدل في بعض كلماته ، فلا ينفع في تشخيص الظواهر.
فالانصاف أن الرجوع إلى أهل اللغة مع عدم اجتماع شروط الشهادة ؛ إمّا في مقامات يحصل العلم فيها بالمستعمل فيه من مجرد ذكر لغوي واحد أو أزيد له ، على وجه يعلم كونه من المسلّمات عند أهل اللغة ، كما قد يحصل العلم بالمسألة الفقهية من إرسال جماعة لها إرسال المسلمات ، وإما في مقامات يتسامح فيها ، لعدم التكليف الشرعي بتحصيل العلم بالمعنى اللغوي ، كما إذا اريد تفسير خطبة أو رواية لا تتعلّق بتكليف شرعي ، وإمّا في مقام انسدّ فيه طريق العلم ولا بدّ من العمل فيعمل بالظنّ بالحكم الشرعي المستند بقول أهل اللغة.
____________________________________
حجّيته من باب الشهادة والبيّنة ، فيشترط فيه ما يعتبر فيها من التعدّد والعدالة.
قوله : (أ لا ترى) جواب عن قول الفاضل السبزواري ، وخلاصته : إن اتفاق العقلاء على الرجوع في كلّ فن إلى أهله مسلّم وثابت ، إلّا أنّه لا يرتبط بالمقام ، بل راجع إلى الموضوعات ، فيعتبر فيها التعدّد والعدالة.
كما يعتبر التعدّد والعدالة (في أهل الخبرة في مسألة التقويم) للمتلفات (وغيرها) ، كتعيين الخسارات مثلا ، فاتفاقهم على اعتبار التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم الذي يكون غالبا في حقّ شخص واحد يستلزم اتفاقهم على اشتراط التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة الصعيد الذي يكون في حقّ جميع المكلّفين بالأولوية.
(فالإنصاف) وحاصل ما أفاده المصنّف رحمهالله في المقام : هو أن الرجوع إلى اللغة يكون في مقامات لا ربط لها بما نحن فيه.
المقام الأول : يرجع إلى اللغة فيما يحصل العلم من قول اللغوي بالمعنى المستعمل فيه ، والعلم حجّة مطلقا ، فيكون خارجا عن المقام.
والمقام الثاني : (في مقامات يتسامح فيها) كالألفاظ الراجعة إلى الخطب والأشعار التي يجوز الرجوع فيها إلى قول اللغوي وإن لم يكن حجّة ، فيكون خارجا عن المقام ، لأن