ولا يتوهّم : «أن طرح قول اللغوي غير المفيد للعلم في ألفاظ الكتاب والسنّة ، مستلزم لانسداد طريق الاستنباط في غالب الأحكام» لاندفاع ذلك : بأن أكثر مواد اللغات الّا ما شذّ وندر ـ كلفظ الصعيد ونحوه ـ معلوم من العرف واللغة ، كما لا يخفى. والمتبع في الهيئات هي القواعد العربية المستفادة من الاستقراء القطعي ، واتفاق أهل العربية أو التبادر بضميمة أصالة عدم القرينة ، فإنّه قد يثبت به الوضع الأصلي الموجود في الحقائق ، كما في صيغة «افعل» أو الجملة الشرطيّة ، أو الوصفية.
____________________________________
البحث في المقام هو الرجوع إلى اللغة في الألفاظ الراجعة إلى التكليف.
والمقام الثالث : في مقام انسدّ فيه باب العلم ، كما إذا ورد الأمر بالذبح بالحديد ولا نعلم المراد من الحديد ، ولا بدّ من العمل لوجوب الذبح علينا ، فبعد تمامية مقدمات الانسداد نأخذ بالظن الحاصل من قول اللغوي ونعمل به ، للانسداد الجزئي فيكون خارجا عن المقام ، لأن المقام هو حجّية قول اللغوي من باب الظن الخاص.
والوجه الثالث ممّا يمكن أن يستدلّ به على حجّية قول اللغوي ، هو ما أشار إليه بقوله :
(ولا يتوهّم «أن طرح قول اللغوي غير المفيد للعلم في ألفاظ الكتاب والسنّة ، مستلزم لانسداد طريق الاستنباط في غالب الأحكام»).
وتقريب التوهّم هو : أن جريان الانسداد الصغير في خصوص اللغات يستلزم حجّية قول اللغوي ؛ وذلك لأن الطريق الوافي لبيان الأحكام هو الكتاب والسنّة ، ولا نعلم معاني ألفاظهما ، لفرض انسداد باب العلم في أكثر اللغات.
ولا يجوز إجراء البراءة في جميع موارد عدم العلم بالتكليف ، لأنّه مستلزم للخروج من الدين ، ولا يجب الاحتياط للزوم العسر والحرج ، فلا بدّ من الرجوع إلى قول اللغوي بعد الانسداد ، إذ لا شيء أقرب من قول اللغوي ، لمعرفة معاني ألفاظ الكتاب والسنّة ، ثم استنباط الأحكام منها.
ويندفع هذا التوهّم أولا : بأنه خارج عن المقام ، لأن الكلام في حجّية قول اللغوي من باب الظن الخاص ، وما ذكر من التوهّم لو تمّ لصار قول اللغوي حجّة من باب الظن المطلق الثابت اعتباره بالانسداد.