«والعجب من غفلة جمع من الأصحاب عن هذا الأصل وتساهلهم في دعوى الإجماع عند احتجاجهم به للمسائل الفقهيّة ، حتّى جعلوه عبارة عن اتّفاق جماعة من الأصحاب ، فعدلوا به عن معناه الذي جرى عليه الاصطلاح من دون نصب قرينة جليّة ولا دليل لهم على الحجّية يعتدّ به» انتهى.
وقد عرفت أنّ مساهلتهم وتسامحهم في محلّه ، بعد ما كان مناط حجّية الإجماع الاصطلاحيّ موجودا في اتّفاق جماعة من الأصحاب وعدم تعبيرهم عن هذا الاتفاق بغير لفظ الإجماع ، لما عرفت من التحفّظ على عناوين الأدلّة المعروفة بين الفريقين.
إذا عرفت ما ذكرنا فنقول : إنّ الحاكي للاتّفاق قد ينقل الإجماع بقول مطلق ، أو مضافا إلى المسلمين ، أو الشيعة ، أو أهل الحقّ ، أو غير ذلك ، ممّا يمكن أن يراد به دخول الإمام عليهالسلام في المجمعين.
____________________________________
الإجماع على المعنى المسامحي من دون لزوم التدليس ـ الإشكال في كلام صاحب المعالم ، حيث يظهر من كلامه عدم صحة إطلاق الإجماع على اتفاق جماعة ، وعدم حجّية هذا القسم من الإجماع ، بل الإجماع هو اتفاق الكل.
فإطلاقه على اتفاق جماعة ـ من دون نصب قرينة جليّة ـ يكون ناشئا عن غفلة جمع من الأصحاب ، ولا دليل لهم على الحجّية يعتدّ به ، إذ لا يحصل العلم بدخول الإمام عليهالسلام فيهم ، ولا يكشف به قول الإمام عليهالسلام ؛ لأنّه ليس من الممتنع أن يكونوا خاطئين في دليلهم.
هذا ملخص ما أفاده صاحب المعالم مع توضيح منّا ، ولكن قد عرفت أنّ مسامحتهم في إطلاق الإجماع على غير اتفاق الكل صحيحة وفي محلها ، فما ذكره صاحب المعالم من عدم الصحة مردود.
(إذا عرفت ما ذكرنا) من تقديم الأمرين ، الذي كان حاصل الأمر الأول هو حجّية الأخبار الحسّية دون الحدسيّة ، وحاصل الأمر الثاني هو أنّ الإجماع ؛ هو اتفاق جميع العلماء في عصر واحد ، وقد يطلق مسامحة على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليهالسلام ، أو على اتفاق من عدا الإمام الكاشف عن قوله عليهالسلام ، فلا بدّ أن نرى أنّ نقل ناقل الإجماع من أي قسم من هذه الأقسام؟.
(فنقول : إنّ الحاكي للاتّفاق قد ينقل الإجماع بقول مطلق) ، فيقول : هذا واجب إجماعا ،