وقال : (ما وافق الكتاب فخذوه ، وما لم يوافقه فاطرحوه) (١) ، وقد بيّنا أنّ المرّة لا تكون المرّتين أبدا وأنّ الواحدة لا تكون ثلاثا ، فأوجبت السنّة أبطال طلاق الثلاث.
____________________________________
وتوضيح ما هو المقصود في المقام يتوقّف على البحث في قوله تعالى المذكور في المتن من جهتين :
الاولى : البحث في ما هو المقصود منه.
والثانية : ما هو المستفاد منه.
وأمّا البحث في قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) من الجهة الاولى ، وإن لم يكن مرتبطا بالمقام ، فهو أنّ المقصود من الآية : إنّ الطّلاق الذي لا يوجب حرمة التزويج هو مرّتان ، فبالطلاق الثالث يحرم تزويج المطلّقة على المطلّق ، ولا يجوز تزويجه إيّاها إلّا بعد المحلّل ، كما هو مشروح في الفقه.
فالحاصل أنّ الطلاق الذي يجوز التزويج بعده مرّتان ، وهذا لا يكون مرتبطا بالمقام.
وأمّا البحث فيها من الجهة الثانية التي تكون مرتبطة بالمقام فهو أنّ قوله تعالى (مَرَّتانِ) ظاهر في تعدّد الطلاق ، إذ المتبادر منه هو الطلاق ، ثمّ تحقّق الزوجيّة بالرجوع ، ثمّ الطلاق ثانيا.
ولا يمكن وقوعه متعدّدا في مجلس واحد ، بأن يقال : أنت طالق ثلاثا ، وذلك فإنّ الطلاق عبارة عن إزالة الزوجيّة ، فلا بدّ من تحقّق الزوجيّة لتزول بالطلاق ، فحينئذ لو طلّق في مجلس واحد ثلاث مرات تقع واحدة منها ، فتزول الزوجيّة بها فلا يبقى للثاني والثالث موضوع أصلا.
فصحّ ما أفاده المفيد قدسسره من أنّه يقع منها واحدة لا اثنان ولا ثلاثة ، وأمّا وقوع الأوّل ؛ فلأنّ المطلّق قد قصد الكلّ ، وقصد الكلّ قصد لأجزائه فالطلاق الواحد كان مقصودا ، ولو في ضمن الثلاث ، فقد صدر من أهله ووقع في محلّه ، فيكون صحيحا.
وأمّا عدم وقوع الأخيرين فهو إنّ طلاق المطلّقة غير معقول ، إذ الطلاق ـ كما ذكرنا ـ هو إزالة لقيد النكاح ، والنكاح يكون منتفيا في المقام بوقوع الطلاق الواحد.
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٩ / ١. التهذيب ٧ : ٢٧٥ / ١١٦٩ ، الوسائل ٢٠ : ٤٦٤ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ، ب ٢٠ ، ح ٣ ، ٤.