وأمّا إجماع الامّة ، فهم مطبقون على أنّ ما خالف الكتاب والسنّة فهو باطل. وقد تقدّم وصف خلاف الطلاق بالكتاب والسنّة ، فحصل الإجماع على إبطاله» ، انتهى.
وحكي عن الحلّي في السرائر الاستدلال بمثل هذا.
ومن ذلك الاجماع الذي ادّعاه الحلّي على المضايقة في قضاء الفوائت في رسالته المسمّاة ب (خلاصة الاستدلال) حيث قال : «أطبقت عليه الإماميّة خلفا عن سلف ، وعصرا بعد عصر ، وأجمعت على العمل به.
ولا يعتدّ بخلاف نفر يسير من الخراسانيّين ، فإنّ ابني بابويه ، والأشعريّين ، كسعد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة ، وسعد بن سعد ، ومحمّد بن عليّ بن محبوب صاحب كتاب نوادر الحكمة ، والقمّيين أجمع ، كعلي بن إبراهيم بن هاشم ، ومحمد بن الحسن بن الوليد ، عاملون بأخبار المضايقة ؛ لأنّهم ذكروا أنّه لا يحلّ ردّ الخبر الموثوق برواته ، وحفظتهم
____________________________________
ثمّ إنّ المستفاد من السنّة هو وجوب الأخذ بما يوافق الكتاب ، وطرح ما لم يوافقه ، حيث ورد في الرواية : (ما وافق الكتاب فخذوه ، وما لم يوافقه فاطرحوه) ، ويكون وقوع الطلقات الثلاث بقول الزوج : أنت طالق ـ ثلاثا ـ ، مخالفا للكتاب.
ثمّ الفقهاء قد اتّفقوا على أنّ ما خالف الكتاب والسنّة فهو باطل ، فحصل الإجماع على إبطال هذا القسم من الطلاق.
والمتحصّل من جميع ما ذكر هو أنّ المفيد تحدّس بإجماع المسلمين على بطلان الطلقات الثلاث من اتّفاقهم على بطلان ما خالف الكتاب والسنّة ، فيكون هذا الإجماع مبنيّا على الحدس والاجتهاد لا على تتّبع الأقوال.
(ومن ذلك الإجماع الذي ادّعاه الحلّي على المضايقة في قضاء الفوائت ... إلى آخره).
والمشار إليه بذلك في قول المصنّف قدسسره يمكن أن يكون الوجه الثالث ، وهو استفادة اتّفاق الكلّ من اتّفاقهم على العمل بالأصل عند عدم الدليل. ويمكن أن يكون القسم الثاني من الوجه الثالث ، وهو استفادة اتّفاق الكلّ من اتّفاقهم على المسألة اصوليّة نقليّة أو عقليّة.
وكيف كان ، ادّعى الحلّي قدسسره الإجماع على المضايقة في قضاء الفوائت ، فنذكر من كلامه ما يرتبط بالمقام بما حاصله : إنّ الإماميّة قد أطبقوا على الفور ، وأجمعوا على العمل بالفور ، والعلماء أكثرهم عاملون بأخبار المضايقة (لأنّهم ذكروا أنّه لا يحلّ ردّ الخبر