الصدوق ذكر ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وخرّيت هذه الصّناعة ورئيس الأعاجم الشيخ أبو جعفر الطوسي مودع أخبار المضايقة في كتبه مفت بها. والمخالف إذا علم باسمه ونسبه لم يضر خلافه» انتهى.
ولا يخفى أنّ إخباره بإجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبنيّ على الحدس والاجتهاد ، من وجوه :
أحدها : دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به ، وهذا وإن كان غالبيّا إلّا أنّه لا يوجب القطع ، لمشاهدة التخلّف كثيرا.
الثاني : تماميّة دلالة تلك الأخبار عند أولئك على الوجوب ، إذ لعلّهم فهموا منها بالقرائن الخارجيّة تأكّد الاستحباب.
____________________________________
الموثوق برواته ، وحفظتهم) ، أي : الإماميّة ، بمعنى كثير الحفظ.(الصدوق ذكر) عدم جواز ردّ الخبر الموثوق برواته (في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وخرّيت هذه الصناعة) ، أي : حاذق صناعة الفقه الشيخ الطوسي قدسسره قد ذكر أخبار المضايقة في كتبه ، وأفتى بها. وهذا ملخّص كلام الحلّي قدسسره في مقام دعوى الإجماع على وجوب المضايقة.
ثم يقول المصنّف قدسسره : (إن إخباره بإجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبنيّ على الحدس والاجتهاد ، من وجوه : أحدها : دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به) وهذا الوجه مبنيّ على ثبوت الملازمة بين ذكر الخبر والعمل به ، وهي غير ثابتة ، والشاهد على ذلك أنّه من ذكر أخبار المضايقة قد ذكر أخبار المواسعة أيضا ، مع أنه لا يكون عاملا بهما معا ، بل لا يمكن العمل بهما معا ، فذكرهما لم يكن للعمل ، بل لملاحظة ترجيح إحداهما على الاخرى ، فيكون حدس الحلّي من ذكر العلماء أخبار المضايقة على عملهم بها مردودا وفاسدا جدا.
(الثاني : تماميّة دلالة تلك الأخبار عند اولئك على الوجوب) ، وهذا الوجه مبنيّ على أن يكون عملهم بهذه الأخبار كاشفا عن دلالتها على الوجوب واستفادتهم منها الوجوب ، وهو غير ثابت ، إذ لعل عملهم بها كان لأجل فهمهم منها تأكّد الاستحباب بالقرائن الخارجية ، فيكون حدس الحلّي من نقلهم هذه الأخبار وعملهم بها على تمامية دلالتها على الوجوب عند اولئك ، فاسدا قطعا.