الثالث : كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عند اولئك ؛ لأنّ وثوق الحلّي بالرواة لا يدلّ على وثوق اولئك ، مع أنّ الحلّي لا يرى جواز العمل بأخبار الآحاد وإن كانوا ثقات.
والمفتي إذا استند في فتواه إلى خبر واحد لا يوجب اجتماع أمثاله القطع بالواقع ، خصوصا
____________________________________
(الثالث : كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عند اولئك) ، وهذا الوجه مبنيّ على أن يدلّ كون الراوي ثقة عند أحد أو جماعة على كونه كذلك عند الآخر أو الكل ، والأمر ليس كذلك بالبداهة والضرورة ، فلا يجوز الحدس من كون الراوي موثوقا به عند البعض على كونه كذلك عند الجميع ، فيكون حدس الحلّي من كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عنده على كونهم كذلك عند اولئك ، فاسدا وباطلا قطعا.
فالمتحصّل من الجميع : إنّ إجماع الحلّي على المضايقة مبنيّ على الحدس والاجتهاد من الجهات مع فسادها ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(مع وضوح فساد بعضها) ، هذا تمام الكلام في كون إخبار الحلّي بإجماع العلماء على المضايقة مبنيّا على الحدس والاجتهاد من وجوه تقدم الكلام في عدم تماميتها ، مضافا إلى أنّها لو تمّت لما نفعت لدعوى إجماع الحلّي ، وذلك لأنّ الحلّي لا يرى جواز العمل بأخبار الآحاد وإن كانوا ثقات ، ومعلوم أنّ الروايات الدالة على المضايقة أخبار آحاد ، فلا تنفع للحلّي وإن سلّمنا المقدمات الثلاث المذكورة في المتن الأول ، أعني : دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به ، والثاني : تمامية دلالة الأخبار عند اولئك على الوجوب ، الثالث : كون الرواة ثقات عندهم ، إذ لا يصح له أن يدّعي الإجماع اعتمادا بهذه المقدمات مع عدم تجويزه العمل بأخبار الآحاد ، فكيف يدّعي الإجماع بوجوب المضايقة المستفاد من أخبار الآحاد؟.
قوله : (والمفتي إذا استند في فتواه إلى خبر واحد لا يوجب اجتماع أمثاله القطع بالواقع) ، دفع لما يتوهّم في المقام من أنّ الحلّي وإن كان لا يرى العمل بخبر الواحد جائزا ، إلّا أنّه حصل له القطع بوجوب المضايقة من عمل العلماء بهذه الأخبار ، ثمّ ادّعى الإجماع على الوجوب.
وحاصل دفع هذا التوهّم : إنّه إذا علم بأنّ مدرك العلماء في الحكم بوجوب الفور هو خبر الواحد لا يحصل القطع بالحكم لمن لا يرى العمل بخبر الواحد جائزا ، وإن كان العاملون