وقد اتضح ـ بما بيّناه ـ وجه ما جرت عليه طريقة معظم الأصحاب من عدم الاستدلال بالإجماع المنقول على وجه الاعتماد والاستقلال غالبا ، وردّه بعدم الثبوت أو بوجدان الخلاف ونحوهما ، فإنّه المتّجه على ما قلنا ، ولا سيما فيما شاع فيه النزاع والجدال ، إذ عرفت فيه الأقوال ، أو كان من الفروع النادرة التي لا تستقيم فيه دعوى الإجماع ، لقلّة المتعرّض لها إلّا على بعض الوجوه التي لا يعتدّ بها ، أو كان الناقل ممّن لا يعتدّ بنقله ؛ لمعاصرته أو قصور باعه أو غيرهما ممّا يأتي بيانه ، فالاحتياج إليه مختصّ بقليل من المسائل بالنسبة إلى قليل من
____________________________________
نظره ، فلا فرق أيضا بين الإجماع وغيره.
(وقد اتضح ـ بما بيّناه ـ وجه ما جرت عليه طريقة معظم الأصحاب من عدم الاستدلال بالإجماع المنقول على وجه الاعتماد ... إلى آخره) ويتضح بما ذكرنا من أنّ نقل الإجماع بنفسه لا يجوز الاعتماد عليه ، بل لا بدّ للمنقول إليه من ملاحظة كل ما له علاقة بالمسألة وجه ما جرت عليه طريقة معظم الأصحاب من عدم اعتنائهم بالإجماعات المنقولة ، فلا يستدلّون بها على وجه الاستقلال ، بل ربما يطعنون عليها فيردّونها.
نعم ، قد يذكرونها تأييدا للمطلب (وردّه بعدم الثبوت أو بوجدان الخلاف ونحوهما) فقد جرت طريقة الأصحاب على ردّ الإجماع ، فكثير منهم يردّونه تارة بعدم الثبوت واخرى بوجدان الخلاف ، وثالثة بقيام الدليل على خلافه.
وهكذا فإنّ هذا الردّ منهم للإجماع المنقول هو (المتّجه على ما قلنا) من عدم جواز الاكتفاء بالإجماع المنقول فقط ، بل يجب على المنقول إليه ملاحظة سائر ما له تعلّق بالمسألة من الأقوال والأمارات ، فالمتّجه هو ردّ الإجماع (ولا سيّما فيما شاع فيه النزاع والجدال) ، إذ لا يقبل الإجماع قطعا فيما هو محل للنزاع والجدال ، وكذلك لا يقبل إذا كان مورده من الفروع النادرة.
(إلّا على بعض الوجوه التي لا يعتدّ بها) بأن يكون الإجماع مبنيّا على الحدس به من العمل على الأصل المتّفق عليه بينهم ، وغيره من الإجماعات التي تكون مستندة إلى اجتهاد الناقلين بها ، وكذا يتّجه ردّ الإجماع فيما إذا(كان الناقل ممّن لا يعتدّ بنقله) لكونه معاصرا للمنقول إليه (أو قصور باعه) ، أي : اطّلاعه (أو غيرهما) ككونه ممن يكون مبناه على المسامحة من جهة عدم تورعه في نقل الإجماع (فالاحتياج إليه مختصّ بقليل