اعلم أنّ إثبات الحكم الشرعي بالأخبار المرويّة عن الحجج عليهمالسلام ، موقوف على مقدّمات ثلاث :
الاولى : كون الكلام صادرا عن الحجّة.
الثانية : كون صدوره لبيان حكم الله ، لا على وجه آخر من تقيّة وغيرها.
الثالثة : ثبوت دلالتها على الحكم المدّعى.
وهذا يتوقف أوّلا : على تعيين أوضاع ألفاظ الرواية ، وثانيا : على تعيين المراد منها وأنّ المراد مقتضى وضعها أو غيره ، فهذه امور أربعة.
____________________________________
الاصولية ، وذلك لأنّ البحث عن حجّيته ـ حينئذ ـ لم يكن عن أحوال الأدلة الأربعة ، إذ لو كان لكان عن أحوال وعوارض السنّة منها ، ولم يكن كذلك ، بل يكون عن أحوال ما هو حاكي للسنّة ، وهو خبر الراوي ، كقول زرارة مثلا ، لا عن أحوال نفس السنّة وهو قول المعصوم ، أو فعله أو تقريره.
والمصنّف رحمهالله قد تصدّى لدفع هذا الإشكال بقوله : (اعلم أنّ إثبات الحكم الشرعي بالأخبار المروية عن الحجج عليهمالسلام ، موقوف على مقدّمات ثلاث) وبيان هذه المقدّمات إجمالا قبل التفصيل ؛ هو أنّه لا بدّ في إثبات الحكم الشرعي بخبر الواحد أو بمطلق الخبر من اثبات المقدّمات الثلاث :
الاولى : إثبات أصل الصدور.
الثانية : إثبات جهة الصدور.
والثالثة : إثبات الدلالة والظهور.
وأنّ البحث المتكفل لأصل الصدور هو البحث عن حجّية خبر الواحد ؛ لأنّ البحث فيه هو بحث عن إثبات صدور السنّة بخبر الواحد ، فيبحث فيه عن أنّ صدور السنّة وهي قول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره ، هل يثبت بخبر الواحد أم لا؟ فيكون البحث بحثا عن أحوال السنّة وبذلك يندرج في المسائل الاصولية.
فالحاصل من الجميع : أنّ محل النزاع هو البحث عن حجّية خبر الواحد الذي يكون في مقابل المتواتر على نحو الموجبة الجزئية ، ثم مرجع هذا البحث يكون إلى ثبوت السنّة به فيكون هذا البحث داخلا في المسائل الاصولية.