وقد أشرنا إلى كون الجهة الثانية من المقدمة الثالثة من الظنون الخاصة وهو المعبّر عنه بالظهور اللفظي ، وإلى أنّ الجهة الاولى منها ممّا لم يثبت كون الظنّ الحاصل فيها بقول اللغوي من الظنون الخاصة وإن لم نستبعد الحجّية أخيرا.
____________________________________
ثمّ تقييد المصنّف رحمهالله إثبات الحكم الشرعي بالأخبار بالمقدّمات الثلاث ، ظاهر في أنّ إثبات الحكم الشرعي بالكتاب لا يتوقف على جميع المقدّمات الثلاث ، وذلك ؛ لأنّ الكتاب من حيث الصدور يكون قطعيا ، وأمّا من حيث وجه الصدور فأيضا يكون معلوما ، إذ لا يحتمل فيه التقيّة أصلا ، وإنّما هو لبيان الحكم الواقعيّ بالبداهة.
نعم ، التمسّك به يتوقف على المقدمة الثالثة فقط كما لا يخفى.
هذا إجمال الكلام في بيان ما يتوقف عليه إثبات الحكم الشرعي من المقدّمات إجمالا ، والتفصيل موجود في المتن إلّا أنّ المصنّف رحمهالله أخّر في مقام التفصيل المقدمة الاولى ، وقدّم المقدمة الثالثة ، وحاصل ما أفاده في المقدمة الثالثة ، هو أن هذه المقدمة تنحل إلى مقدمتين ، فيكون ما يتوقف عليه إثبات الحكم الشرعي من الأخبار امور أربعة :
الأوّل : صدور الأخبار من المعصومين عليهمالسلام.
والثاني : أن يكون صدورها لبيان المراد الجدّي والحكم الواقعي لا لتقية.
والثالث : تعيين معاني ألفاظها وضعا.
والرابع : تعيين المراد منها ظهورا كأن يكون لفظ الصعيد في اللغة موضوعا لمطلق وجه الأرض مثلا ، وهذا الوضع يوجب ظهوره في مطلق وجه الأرض إذا ورد في الرواية ، فيتعيّن المعنى بالوضع اللغوي والمراد بالظهور اللفظي. وحينئذ ، إذا ورد في الرواية : تيمّموا بالصعيد ، لكان إثبات الحكم الشرعي ، وهو وجوب التيمّم على مطلق وجه الأرض متوقفا على الامور الأربعة المتقدمة.
ثمّ البحث عن المقدمة الثالثة بكلتا جهتيها قد تقدم تفصيله ، حيث قال المصنّف رحمهالله في السابق : إنّ الظنّ بمراد المتكلم الناشئ عن أصالة عدم القرينة يكون حجّة من باب الظن الخاص ، وتقدم منه البحث عن الجهة الاولى من المقدمة الثالثة ، حيث قال : إن تعيين أوضاع الألفاظ باللغة ممّا لم يثبت كون الظن فيها من الظنون الخاصة.
فالحاصل : أنّ ما ثبت اعتباره وحجّيته هو الظاهر ، وأمّا الظن بظهور اللفظ في المعنى