طائفتين : إحداهما : ما دلّ على طرح الخبر الذي يخالف الكتاب ، والثانية : ما دلّ على طرح الخبر الذي لا يوافق الكتاب.
أمّا الطائفة الاولى فلا تدلّ على المنع عن الخبر الذي لا يوجد مضمونه في الكتاب والسنّة.
فإن قلت : ما من واقعة إلّا ويمكن استفادة حكمها من عمومات الكتاب المقتصر في تخصيصها على السنّة القطعيّة ، مثل قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(١) ، وقوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ...) إلى آخره) (٢) ، و (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ
____________________________________
(إلّا أنّها بين طائفتين : إحداهما : ما دلّ على طرح الخبر الذي يخالف الكتاب ، والثانية : ما دلّ على طرح الخبر الذي لا يوافق الكتاب).
(وأمّا الطائفة الاولى فلا تدلّ على المنع عن الخبر الذي لا يوجد مضمونه في الكتاب والسنّة) ، لعدم صدق المخالف على ما لا يوجد مضمونه في الكتاب ، فيكون الدليل ـ حينئذ ـ أخصّ من المدّعى ، إذ المدّعى هو عدم حجّية مطلق خبر الواحد المجرد عن القرينة سواء كان ممّا خالف الكتاب والسنّة ، أو ممّا لا يوجد مضمونه فيهما أصلا ، وهذه الطائفة إنّما تدلّ على طرح المخالف فقط ، دون غيره.
(فإن قلت : ما من واقعة إلّا ويمكن استفادة حكمها من عمومات الكتاب ... إلى آخره) والغرض من قوله : (إن قلت) هو ردّ كون الدليل أخصّ من المدّعى ، غاية الأمر يكون ردّه بردّ مبنى ذلك ، فيتضح هذا الإشكال بعد إثبات فساد مبنى لزوم أخصيّة الدليل عن المدّعى ، وذلك أنّ كون الدليل أخصّ من المدّعى يكون مبنيّا على امكان وجود الخبر الذي لا يكون مضمونه في الكتاب.
ومفاد(إن قلت) : هو عدم وجود هذا القسم من الخبر حتى يلزم كون الدليل أخصّ من المدّعى ؛ لأنّ كل خبر إمّا موافق للكتاب ، أو مخالف له ، ويؤيّده قوله تعالى : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٣).
__________________
(١) البقرة : ٢٩.
(٢) البقرة : ١٧٣.
(٣) الأنعام : ٥٩.