حَلالاً طَيِّباً)(١) ، و (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٢) ونحو ذلك ، فالأخبار المخصّصة لها كلّها ، وكثير من عمومات السنّة القطعيّة ، مخالفة للكتاب والسنّة.
قلت : أوّلا : إنّه لا يعدّ مخالفة ظاهر العموم ـ خصوصا مثل هذه العمومات ـ مخالفة
____________________________________
فالمستفاد من هذه الآية والآيات المذكورة في المتن هو أنّ حكم كلّ شيء موجود في الكتاب ، ومستفاد من عموماته ، فلا يعقل أن لا يكون مضمون خبر فيه ، فحينئذ كلّ خبر إذا وافق الكتاب يؤخذ به ، وإذا خالفه يطرح إلّا أن يكون مقطوع الصدور ، فيخصّص به عموم الكتاب.
فالحاصل أن كل خبر لم يكن موافقا له يكون مشمولا للطائفة الاولى التي دلّت على طرح ما خالف الكتاب ، فلا يكون الدليل أخصّ من المدّعى.
قوله : (كلّها) يوهم أن يكون تأكيدا للضمير في قوله : (لها) الراجع إلى عمومات الكتاب ، فالمعنى ـ حينئذ ـ ، فالأخبار(المخصّصة لها) ، أي : عمومات الكتاب (كلّها) ، أي : كل عمومات الكتاب ، فلم يبق من عمومات الكتاب عامّ واحد إلّا وقد خصّص بالأخبار ، وهذا المعنى لم يكن صحيحا ، بل الصحيح هو أن تكون (كلّها) تأكيدا للأخبار المخصّصة ، فالمعنى ـ حينئذ ـ ، فالأخبار المخصّصة كلها مخالفة للكتاب.
وقبل الجواب عن الإشكال نقول : إنّ الإشكال المزبور ينحل إلى صغرى وهي : إنّه لا يوجد حكم إلّا وقد ورد فيه عموم من الكتاب ، وكبرى وهي : كلّ خبر لم يوافق مضمونه الكتاب مخالف له ، فيجب طرحه بأخبار العرض.
(قلت : أولا : إنّه لا يعدّ مخالفة ظاهر العموم ـ خصوصا مثل هذه العمومات ـ مخالفة) وقد أجاب المصنّف رحمهالله عن الإشكال المزبور بجوابين ثم جوابه الأول يرجع إلى منع الكبرى ، والثاني ، وهو ما أشار إليه : (وثانيا ... إلى آخره) إلى منع الصغرى ، فحينئذ كان الاولى تقديم الجواب الثاني على الأول.
وحاصل الجواب الأول ، الذي يرجع إلى منع الكبرى : هو أنّ الخاص لا يعدّ مخالفا للعام عرفا ، لإمكان الجمع بينهما بحمل العام على الخاص ، فالمخالفة بالعموم والخصوص لا
__________________
(١) الأنفال : ٦٩.
(٢) البقرة : ١٨٥.