أو تحمل الاول على من اكتفى بمجرّد القصد ، والثانية على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات ، كما يشهد له حرمة الإعانة على المحرّم ، حيث عمّمه بعض الأساطين لإعانة نفسه على الحرام ، ولعلّه لتنقيح المناط لا للدلالة اللفظيّة.
____________________________________
وقوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ).
يؤيّد العقاب على القصد ، ولا يدل عليه لاحتمال إرادة العقاب على الأفعال الصادرة بواسطة قصد الفساد والعلوّ.
(ويمكن حمل الأخبار الاول ... إلى آخره).
أي : يمكن الجمع بين الأخبار الدالة على العفو والأخبار الدالة على العقاب بأحد وجهين :
الوجه الأول : حمل الاول على من ارتدع عن قصده بنفسه ، وحمل الثانية على من بقي على قصده حتى عجز عن الفعل.
والوجه الثاني : أن تحمل الاول على من اكتفى بمجرد القصد.
(والثانية على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدمات كما يشهد له).
أي : العقاب على المقدمات ، حرمة الإعانة المستفادة من قوله تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(١) (حيث عمّمه) أي : الإعانة ، (بعض الأساطين) أي : كاشف الغطاء رحمهالله (لإعانة نفسه على الحرام) ؛ ولو لا هذا التعميم لم يكن قوله تعالى دليلا على ما نحن فيه.
قال كاشف الغطاء قدسسره : إنّ المراد من الإعانة في قوله تعالى هو الأعمّ ممّا يكون إعانة ، ومقدمة لفعل الغير ، وما يكون مقدمة لفعل المعين نفسه.
ثم يقول المصنّف رحمهالله : (لعله) أي : هذا التعميم في موضوع الإعانة منه قدسسره (لتنقيح المناط) إذ المناط في حرمة الإعانة كونها وصلة إلى فعل الحرام ، وهو موجود في كلتا الإعانتين لا بالدلالة اللفظية لأنّ الظاهر من الآية المباركة هو النهي عن إعانة الغير.
أو نقول : إنّ مفهوم الإعانة هو المغايرة بين المعين والمعان ، فلا يشمل إعانة الشخص نفسه إلّا بتنقيح المناط ، فيكون الإتيان بمقدمات الحرام محرّما لكونه مشمولا للآية مناطا.
__________________
(١) المائدة : ٢.