إن كان الدليل العقليّ المتعلّق بذلك بديهيّا ظاهر البداهة ، مثل الواحد نصف الاثنين ، فلا ريب في صحّة العمل به ، وإلّا فإن لم يعارضه دليل عقليّ ولا نقليّ فكذلك ، وإن عارضه دليل عقليّ آخر فإنّ تأيّد أحدهما بنقليّ كان الترجيح للمتأيّد بالدليل النقلي ، وإلّا فإشكال ، وإن عارضه دليل نقليّ ، فإن تأيّد ذلك العقلي بدليل نقلي كان الترجيح للعقلي ، إلّا أنّ هذا في الحقيقة تعارض في النقليّات ، وإلّا فالترجيح للنقلي ، وفاقا للسيّد المحدّث المتقدّم ذكره وخلافا للأكثر.
هذا بالنسبة إلى العقليّ بقول مطلق ، أما لو اريد به المعنى الأخصّ ، وهو الفطريّ الخالي عن شوائب الأوهام الذي هو حجّة من حجج الملك العلّام ـ وإن شذّ وجوده في الأنام ـ ففي ترجيح النقلي عليه إشكال» انتهى.
____________________________________
(إن كان الدليل العقلي المتعلّق بذلك بديهيا ظاهر البداهة مثل الواحد نصف الاثنين) كقبح الظلم والتكليف بما لا يطاق ، وحسن الإحسان ، ووجوب شكر المنعم ، (فلا ريب في صحة العمل به) واعتباره مطلقا ، (والّا فإن لم يعارضه دليل عقلي) نحو حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان.
ولا يعارض هذا الحكم بحكمه على وجوب دفع الضرر المحتمل ، لأن احتمال الضرر بعد حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان منتف قطعا(وإن عارضه دليل عقلي آخر) نحو حكم العقل بامتناع سهو النبي صلىاللهعليهوآله لكونه عيبا المعارض لحكمه بإمكانه لكونه لطفا على امّته ، (فإن تأيّد أحدها بنقلي) مثل : تأييد الحكم بالإمكان بالأخبار الدالّة على سهوه صلىاللهعليهوآله في صلاة كان الترجيح للمتأيّد بالدليل النقلي.
(وإلّا فاشكال) مثل : حكم العقل بلزوم حشر الناس يوم القيامة بهذه الأبدان لأنّ الأعمال صدرت منها ، وهذا الحكم منه معارض مع حكمه بحشرهم بغير هذه الابدان لامتناع إعادة المعدوم ، ولم يتأيد أحدهما بالنقل ، إذ المستفاد من النقل هو مجرد الحشر فرضا.
(وإن عارضه دليل نقلي ، فإن تأيّد ذلك العقلي بدليل نقلي كان الترجيح للعقلي) مثل : حكم العقل بقبح قصد المعصية المعارض بالنقل الدال على عدم العقاب بالقصد ، إلّا أنّ هذا الحكم من العقل يكون مؤيّدا بالنقل الدال على العقاب بالقصد.